بقلم / أفراح رامز عطية
باحثة ما جستير تربية مقارنة وإدارة تعليمية – جامعة السادات
قبل التطرق إلى العلاقة بين التفكير الإبداعي، والذكاء، لا بد من توضيح هذين المفهومين، حيث يعرف الذكاء بأنه: مقدرة الفرد على التكيف مع التجارب، والمواقف الجديدة التي يتعرض لها، ومقدرته على التعلم منها، والاستفادة من هذه التجارب؛ لفهم، ومعالجة البيئة التي يعيش فيها.
وقد ركز البعض في تعريف الذكاء على التفكير المجرد للفرد، أما البعض الآخر، فقد أكدوا على ربط التكيف بالذكاء، وأن الشخص الذكي هو: الشخص الذي يستطيع التكيف مع البيئة التي يعيش فيها، وفي ما يتعلق بتعريف التفكير الإبداعي، فهو يعرف على أنه: مقدرة الفرد على التفكير، وإيجاد حلول جديدة، وغير مألوفة للآخرين.
وبحسب علماء النفس يجب أن تتوفر العديد من الشروط؛ لكي يصبح الإنسان مبدعا، ومنها: أن تكون الحلول، والأفكار جديدة لم يجدها أحد غيره، ولم يسبق إليها، إضافة إلى كون هذه الحلول ذات فائدة.
العلاقة بين التفكير الإبداعي والذكاء
عند الحديث عن العلاقة بين التفكير الإبداعي، والذكاء، فإن علماء النفس يشيرون من خلال الأبحاث إلى أنه ليس هناك بالضرورة وجود علاقة بين التفكير الإبداعي، ومستويات الذكاء المرتفعة؛ أي أنه ليس بالضرورة أن يكون كل فرد ذكيا، أو أن يتمتع بالذكاء مبدع، وبمعنى آخر، فإن الشخص الذي يتمتع بنسبة ذكاء 130 درجة على مقاييس الذكاء، قد يكون أكثر إبداعا من الفرد الذي يتمتع بنسبة ذكاء 180 درجة على مقاييس الذكاء، والجدير بالذكر أن الذكاء قد يكون الطريق؛ للوصول إلى الإبداع، إلا أنه ليس أحد شروطه، أما الأفراد الذين يتمتعون بنسب ذكاء أقل من الطبيعية، فهم غالبا ما يكونون غير مبدعين، في حين أن الأفراد ذوي الذكاء المتوسط قد يتمتعون بنسبة أعلى من الإبداع، وعلى هذا، يمكن القول إن التفكير الإبداعي، والذكاء، ليسا مصطلحين يتحدثان عن المعنى نفسه؛ فالأصالة، والمرونة، والطلاقة الفكرية مثلا تعتبر من صفات الفرد المبدع، في حين أن هذه الصفات ليست بالضرورة أن تكون من صفات الفرد الذكي، واذا ما تم الحديث عن الجانب العقلي لدى الفرد المبدع، فإنه يمكن القول بأن الابداع يعتمد على عدة عوامل مهمة، وهي: الحساسية للمشكلة، والشعور بها، وإعادة تنظيم الفرد لما يراد الإبداع فيه، والمرونة، والأصالة، والمقدرة على تحليل الأفكار الإبداعية، بالإضافة إلى التركيب، بحيث يكون بشكل حديث، ومبتكر، وأخيرا التقييم، وهنا لا تقتصر عملية التفكير الإبداعي على العقل؛ أي الذكاء فقط، بل هناك أيضاً عوامل أخرى تساهم في عملية التفكير الإبداعي، كالمزاج، والأعصاب، وبعض الحواس الأخرى.
أنواع الذكاء
بما أن الذكاء لا يقتصر على نوع واحد، فقد تحدث العديد من العلماء عن أن الذكاء عبارة عن ذكاءات متعدِدة، وأنماط مختلفة، حيث إن من أنواع الذكاء ما يمكن تلخيصه في ما يأتيي :
الذكاء اللغوي: وهو مقدرة الفرد على التحدث بطلاقة، وتمكنه من استخدام الكلمات في المكان، والوقت المناسب، وقد وجِد أن الأطفال، والصم لديهم المقدرة على تطوير لغة خاصة بهم، وهي مختلفة عن اللغة التي يستخدمها الأفراد الطبيعيونز والجدير بالذكر أن اللغة، وكيفية بنائها، تختلف من فرد إلى آخر، إلّا أنها في الوقت نفسه تعتبر ظاهرة معرفية عالمية.
الذكاء المنطقي أو الرياضي: وهنا يستخدم الفرد العمليات المنطقية من استنتاج، أو تعميم، ولا يحتاج هذا النوع من الذكاء إلى وجود مقدرة لغوية لدى الفرد، بل يعتمد على معالجة المسائل الرياضية في عقله، علما بأن الأشخاص الذين يتمتعون بهذا الذكاء يستطيعون حل أغلب المشكلات التي تعتمد على المنطق.
الذكاء الجسدي: وقد اختلف العلماء في تحديد هذا النوع من الذكاء، وذلك من حيث أن بعض الافراد العاديين قد يتمتعون بهذا النوع من خلال تدريب أجسامهم، ومنهم من يمتلك هذا النوع من الذكاء من غير تمرين، وممارسة؛ إذ إن لهذا النوع من الذكاء علاقة بدماغ الإنسان المسؤول عن حركة الجسم.
الذكاء الاجتماعي: ونعني بها هنا مقدرة الإنسان على التعامل، والتواصل مع الآخرين، ومقدرته على فَهم الآخرين، ويتميز الفرد الذي يتمتع بالذكاء الاجتماعي بالعديد من الصفات، مثل: القيادة، والمقدرة على تكوين العلاقات، والحفاظ عليها، بالإضافة إلى التمكن من التعامل مع الصراعات المختلفة.
الذكاء الموسيقي: وهي مقدرة الفرد على الإحساس بالإيقاع الموسيقي منذ الصغر، والمقدرة على تأليف النوتات الموسيقية، وهذا النوع من الذكاء يرتبط أيضا بمناطق محددة من الدماغ.
الذكاء الفراغي: وهو مقدرة الفرد على تخيل الأشكال، والصور، حيث يعتمد هذا النوع من الذكاء على ما يسمى ب(إدراك التواجد في المكان)، وهنا يستطيع الفرد تذكر الأماكن التي تمت زيارتها جميعها، حتى لو كانت قبل عدة سنين، وهو يرتبط أيضا بالجزء الأيمن من الدماغ، فإذا حدث خلل فيها، فإن الفرد يفقد المقدرة على تمييز الأماكن، والأشخاص.
الذكاء الخارجي أو الروحي: وهي اعتزاز الفرد بذاته، ووعيه بنفسه، ويكون الفرد هنا قادرا على معرفة مشاعره، والتعمُق فيها، وهذا -في العادة- ينعكس على قوة شخصية الفرد، أما الشخص الذي لا يكون لديه هذا النوع من الذكاء، فإنه يتصف بضعف الشخصية، وعدم مقدرته على التكيف مع العالم الذي يعيش فيه.
الذكاء الطبيعي: ونعني به مقدرة الفرد على تحديد ما هو طبيعي خلال عملية التكيف في حياته؛ أي مقدرة الفرد على التأقلم، والتعامل مع التغيرات التي تحصل في الحياة.
الذكاء العاطفي: وهو تشجيع الفرد لنفسه، وتحفيزها، ومقدرته على التعامل مع مشاعر الإحباط، مع التحكم بمشاعره، وتأجيل بعض الغرائز إلى حين وجود الوقت المناسب، بالإضافة إلى مقدرته على التعامل مع الألم، والفقدان.