هل مؤسساتنا التعليمية مهيأة للتعامل مع متطلبات الثورة الصناعية الرابعة ؟

بقلم/ د. جمال الدهشان

استاذ أصول التربية، عميد كلية التربية- جامعة المنوفية

أكد السيد رئيس الجمهورية، خلال افتتاحه المنتدى العالمي الأول للتعليم العالي والبحث العلمي بين الحاضر والمستقبل بالعاصمة الادارية يوم الخميس الماضى في مداخلة بجلسة “الثورة الصناعية الرابعة والذكاء الاصطناعي” في المنتدى العالمي الأول للتعليم العالي والبحث العلمي: “لم نشارك في الثورات الثلاث، هيصعب عليا جدًا ألا نشارك في الثورة الرابعة، بكلم نفسي وزملائي في الحكومة والجامعات والشعب المصري، لا يجب أن تفوتنا الثورة الرابعة”.
فما هى الثورة الصناعية الرابعة وكيف يمكن تهيئة مؤسساتنا الجامعية للتعامل مع متطلباتها ؟؟
يشير تعبير الثورة الصناعية الرابعة الى أنها تأتى بعد الأولى التى اعتمدت على البخار والثانية التى بدأت بعد اكتشاف الكهرباء والثالثة التى دشنتها شبكة الاتصالات العالمية «الإنترنت» والرقمنة البسيطة، أما الثورة الرابعة والتى تنبنى على سابقتها فإنها تعتمد على القدرات الهائلة على تخزين المعلومات الضخمة واسترجاعها والربط وإقامة العلاقات والتشابكات بينها. وارتبط بذلك التقدم المذهل فى مجالات الذكاء الاصطناعى والآلات التى تحاكى قدرات الانسان«الروبورت» والتكنولوجيا الحيوية والسيارات والمعدات ذاتية القيادة والطائرات بدون طيار وانترنت الاشياء وسلسلة الكتل والطابعات ثلاثية الأبعاد والعملات الافتراضية وكلها مجالات تعتمد على الابتكار والإبداع وتقوم على التفاعل بين المعلومة والآلة وعقل الإنسان. فهذه الثورة بحق هى ثورة الذكاء أو الثورة الذكية والتى تنتشر آثارها وتطبيقاتها بسرعة مذهلة، و كما اطلق عليها رئيس منتدى دافوس العالمي مصطلح تسونامى التكنولوجيا جعل عنوان “الثورة الصناعية الرابعة” شعارا لدورته الـ46.

ويعد الذكاء الاصطناعى والريبوتات احد ابرز معالم الثورة الصناعية الرابعة ، والذكاء الاصطناعي هو فرع من فروع علوم الحاسبات ، يهدف الى تطوير أنظمة تحقِّق مستوى من الذكاء شبيه بذكاء البشر أو أفضل منه. وصمِّمت تطبيقات الذكاء الاصطناعي لتكون تقليداً لتصرفات العقل البشري ويجعل الآلات تفكِّر مثل البشر، أي حاسوب له عقل. وحتى يتم ذلك، فقد حدَّدت جوانب تفوق الذكاء البشري في طريقة الاستنتاج والتفكير، وحصرتها في خمس نقاط أو خطوات: التصنيف (Categorization)، تحديد القوانين (Specific Rules)، التجارب (Heuristics)، الخبرة السابقة (Past Experience)، التوقعات (Expectation).، وللذكاء الاصطناعي تطبيقات متعدِّدة في مجالات مختلفة، ومن أبرزها: الأنظمة الخبيرة، وتمييز الكلام، وتميز الحروف، ومعالجة اللغات الطبيعية، وصناعة الكلام، والألعاب، والإنسان الآلي (الروبوت)، وتمييز النماذج والأشكال، والرؤية (النظر)، ونظم دعم القرار، والتعلم والتعليم.
إن الذكاء الاصطناعي وخوارزمياته وتقنياته وتطبيقاته قادم لا محالة وبقوة إلى كافة المجالات، سـواء الطبية أو التعليمية أو العسكرية أو الترفيهية أو غيرها من مناحي الحياة. ولا ينبغي لنا أن نخشاه رغم الإقرار بوجود سلبيات مرتقبة أو محتملة، فهدفه في النهايــة خدمتنا.
وفقا لمؤشرات الثورة الصناعية الرابعة مازال أمامنا شوط كبير علينا ان نعمل جميعا لاجتيازه سواء على مستوى الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدنى والإعلام. علينا ان نزيد وعى الرأى العام بالتحولات الكبيرة فى العالم وأهمية انخراط مصر فيها وان يتكاتف المجتمع ويدعم بقوة تطوير النظام التعليمى لتشجيع الابتكار وأن يتم تنظيم مئات وآلاف الدورات التدريبية لثقل مهارات الشباب وأن تتنافس الجامعات على إنشاء مراكز البحث فى تقنيات الثورة الصناعية الرابعة وإقامة الحضانات التكنولوجية ومراكز تشجيع الابتكار وأن يتم تطوير البنية التشريعية المحبذة لتلك التطورات وتوفير التمويل المناسب، وأن نغرس بين الشباب أهمية الانفتاح على ثقافة الثورة الصناعية الرابعة والتكنولوجيا الرقمية وقيم الابتكار والإبداع وفى هذا فليتنافس المتنافسون.
إن أفلام الخيال العلمى شوهت علاقة الإنسان بالروبوت فالإنسان هو من يصنع الآلة وليس العكس، والروبوت أفضل من الإنسان فى استرجاع ملايين المعلومات أو الذكاء المعرفى فى حين أن الإنسان أفضل بكثير من الروبوت فى الذكاء الاجتماعى والعاطفى وابتكار الافكار من خلال العمل الجماعى، إضافة إلى القدرة على القيام بالكثيرمن الحركات الجسدية التى يصعب على الروبوت تقليدها إلى الآن
.
هذه الثورة ستتطلب امور عديدة لأنها ستخلق أوضاعاً غير مسبوقة ، من بينها تحسين مخرجات قطاع التعليم بالتركيز على التكنولوجيا والعلوم المتقدمة. وتبنى الاستراتيجيات بمجال الطب الجينومى، والرعاية الصحية الروبوتية مثلا ، وتحقيق الأمن المائى والغذائى عبر توظيف علوم الهندسة الحيوية والتكنولوجيا المتقدمة للطاقة المتجددة. وتبنى الاقتصاد الرقمى والاستثمار فى أبحاث الفضاء ، وتحتاج إلى نظم وتشريعات جديدة للتعامل معها ، اضافة الى تكاتـف الجميـع، ســواء حكومــات أو شــركات أو منظمــات مجتمــع مدنــى أو جامعات ومراكز بحوث، مـن أجـل تطويـر قيـم ومعاييــر وأهــداف مشــتركة لــدى الجميــع،،، وغيرها الكثير.

تعليقان على “هل مؤسساتنا التعليمية مهيأة للتعامل مع متطلبات الثورة الصناعية الرابعة ؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.