الخال… شاعرا ومناضلاً

بقلم : رشا فؤاد
هو مزيج بين الصراحة والغموض ،بين الفن والفلسفه ،بين التعقيد والبساطة ،بين مكر الفلاح وشهامة الصعيدى ،بين ثقافه المفكرين وطيبه البسطاء تقليده سهل وتكراره ممكن …هكذا قال الكاتب محمد توفيق فى مقدمه كتابة “الخال” الذى تناول فيه قصه حياة الشاعر الجنوبى الرائع عبد الرحمن الأبنودي .

ولد بقرية أبنود بمحافظة قنا بدأ كتاباته الشعرية باللغة العامية ثم حصل على شهادة جامعية فى اللغة العربية من كلية الآداب جامعة القاهرة ،يعد من أشهر شعراء العامية فى مصر من أشهر أعماله السيرة الهلاليه التى أثرت فيه بشكل كبير والتى جمعها من شعراء الصعيد ولم يؤلفها وأشهر كتبه “أيامى الحلوة “عاش الابنودى حياة فقيرة جدا مع أسرته وكان والده يعمل مأذوناً شرعياً قام والده فى بادئ الأمر يتمزيق ديوانه الأول “حبة كلام” ولكن إلحاح الموهبة بداخل الأبنودى وإصراره كانتا أكبر وأعمق من الإستسلام فقام بإرسال مجموعة من قصائده لصلاح چاهين بالبريد وخصص له عموداً بالأهرام ولم يكتفى بذلك بل أرسل قصيدتين للإذاعة ليبدأ تلحينهما وهما ” بالسلامة يا حبيبى ” لنجاح سلام و”تحت الشجر يا وهيبة ” لمحمد رشدى .

لم يكن الابنودى شخصاً عادياً ولم يقتصر نشاطه على كتابة الشعر فقط بل كان مناضلاً سياسياً فقد إلتحق بأحد التنظيمات الشيوعية وألقى القبض عليه عام ١٩٦٦ وفى السجن أكتشف أن الشيوعيه ليست طريقاً لتحقيق الذات أو لتقديم خير إلى الفقراء ولكنه لم يتراجع عن مواقفه السياسية والتى كان يعبر عنها بقلمه
بدأ يعلو صوت الابنودى إعلاميا أعقاب هزيمة ١٩٦٧ بعد أن كان مستبعداً من الجميع بسبب مواقفه السياسيه والتى تسببت فى إعتقاله. توجه بعد النكسة إلى الصعيد ليستكمل كتابة السيرة الهلالية وكتب أغنيات عديدة عن الحرب آنذاك وكان من أهمها أغنية “عدى النهار” التى لحنها “بليغ حمدى” كانت لهذه الاغنية ظروف خاصة فقد طلب “عبد الحليم حافظ” من الأبنودى كتابتها بعد خطاب التنحي الذى أعلنه عبد الناصر عقب الهزيمة فقد كانت مصر تعيش فترة صعبة بالفعل ، فكلمات الأغنية تعترف بنزول الليل وتبشر بنهار ولأول مرة الشعب المصرى يحس أن ثمة أمل فى الغد ،لعبت هذه الأغنيه دوراً هاماً فى إعادة إنتعاش الروح المصرية بل والعربية ومن الجدير بالذكر أنهم كانوا خائفين وقتها من عبد الناصر بسبب هذه الأغنيه إلا إنها نالت إعجاب عبد الناصر وكان يطلبها باستمرار فى الإذاعة

سافر بعد ذلك الأبنودى إلى السويس وأقام مع الفلاحين من الأصدقاء والأقارب هناك فى جناين السويس فى مواجهة مع العلم الإسرائيلي على الضفه الأخرى وكان يستمع هناك إلى قصص الجنود الذين عادوا من سيناء مهلهلين بثياب تنكرية وأقدامهم منتفخة من المشى لمسافات طويله
بدا بعد ذلك فى كتابة أغنيات مثل” يا بيوت السويس يا بيوت مدينتى ” وألف بعدها العديد من الاغانى والأشعار تاركاً خلفه تراثاً أدبياً وفنياً رائعا ً وقدم عدد من الاغانى لمطربين كبار على رأسهم عبد الحليم حافظ ونجاة الصغيرة ووردة الجزائرية وفايزة أحمد وغيرهم
أما عن سر تلقيبه “بالخال” قال الروائى المصرى جمال الغيطانى : ” أن الشعب المصرى عندما يحب احداً ويثق فيه كان يسميه الخال لأن الخال لا يرث وليس لديه أى مطامع شخصية لذا فقد أطلقوا على الشاعر عبد الرحمن الأبنودى لقب الخال “

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.