العام الدراسى الجديد 2020 .. أهمية العنصر البشرى وحتمية التغيير

بقلم/ د. عصام الشاذلى

أيام معدودات ويبدأ العام الدراسى 2019/2020م تلك السنة الأخيرة من العقد الثانى من القرن الحادى والعشرون يأتى فى ظل ظروف استثنائية يمر بها وطننا الغالى مصر وتمر بها منطقتنا العربية بل والعالم كله وكذلك فى ظل ظروف ومنظومة تعليمية جديدة يضطلع معالى الدكتور طارق شوقى وزير التربية والتعليم والتعليم الفنى بتنفيذها وتحقيق أهدافها قريبة وبعيدة المدى. وقد وعدنا سيادته منذ توليه المسئولية بتغيير مديرى المديريات أكثر من مرة وهو ما لم يتحقق حتى الآن على أرض الواقع، وكانت المرة الأولى التى صرح فيها بالتغيير عقب توليه المسئولية مباشرة فى 16 فبراير 2017م، والمرة الثانية كانت من خلال جريدة الأهرام يوم 29 أكتوبر 2018 كالتالى ” يصدر الدكتور طارق شوقى وزير التربية والتعليم والتعليم الفنى خلال أيام أكبر حركة تغييرات فى تاريخ وزارة التربية والتعليم والتعليم الفنى التى تشمل عددا كبيرا من مديرى ووكلاء المديريات التعليمية بالمحافظات، الذين ثبت خلال الفترة الماضية عدم قدرتهم على استيعاب القرارات الجديدة لنظام التعليم الجديد، شروط موحدة وجديدة ، وجيل الشباب يتربع على قمة الحركة “، وكانت المرة الثالثة أوائل العام الجارى من خلال الموقع الإلكترونى لصدى البلد الإخبارى.. إلخ
نعم إننا بحاجة ماسة لتغيير وحراك وحركة تنقلات بالتربية والتعليم وبالأخص مديرى المديريات لاسيما أولئك التعليم المتشبثين بالكرسى الذين أظهروا القصور والعجز والفشل فى تسيير منظومة التعليم وفشلوا فشل ذريع فى حل المشكلات بل وتسببوا فى تفاقم العديد منها، وجود مثل هؤلاء يزيد من مُشكلات التعليم وآثارها الخطيرة وربما الكارثية.
خلال العقدين الماضيين مرت مصر بفترة عصيبة وثيقة الصلة بأطماع ومطامح رجال مال وأعمال من عصر بائد فترة نمت فيها وترعرعت أذرع جماعات إرهابية مرتزقة كارهة لاستقرار المجتمع وأمنه وتولى وصعد من ذاك ومن هؤلاء متلونون لأهم وأعلى المناصب وتولى بعضهم إن لم يكن كثير منهم وظائف محورية وطفا للسطح كثيرون من ذوى التوجهات والأجندات الخاصة الذين كلفوا الدولة المصرية ومازالوا يكلفونها الكثير فى قطاعات عديدة، نلمس ذلك على أرض الواقع مثل هؤلاء يعملون فقط لخدمة أهدافهم الخاصة. بعض هؤلاء الموظفين يظنون أنهم أصحاب ملك وأن ما تحت يدهم تبع لهم فاتبعوا أسلوب إدارة على نحو يماثل أسلوب الإدارة فى القطاع الخاص، إن حركة تنقلات وحراك وظيفى دورية كفيلة بأن تمكن للعناصر الأفضل والأنسب والأقدر المُعدة أفضل إعداد من جيل الشباب، كما تسهم فى الحد من شبكة العلاقات الشخصية النفعية التى تكونت خلال توليهم المنصب وتحقيق مكاسب خاصة وشخصية خلال فترات الخصخصة وإنشاء وظهور المدارس الخاصة.
ولابد من محاسبة المقصرين على فشلهم وعجزهم فى مديرياتهم كحوادث موت أطفال بمدارس أو اهتموا وانشغلوا بجمع تبرعات بمئات الآلاف من الجنيهات نعم مئات الآلاف – والله اعلم هل هى تبرعات ام ماذا – وصرح أحدهم بذلك فى اجتماع رسمى، وغير ذلك من تقصير. لابد من محاسبة المُقصر مهما كان، كما أعلن سيادة الرئيس عبد الفتاح السيسى ” مفيش فى الدولة حد فوق القانون وفوق الحق خالص، إللى فوق القانون هوا القانون وإللى فوق الحق هوا الحق”. كله هيتحاسب مصر معلهاش فواتير لحد والرئيس معلهش فواتير لحد”.
لذا أصبح التغيير ضرورى وحتمى، إن العمل والتطوير يتطلبان عنصراً بشرياً على أعلى مستوى. لذا نريد قيادات لا تنتمى لا للنظام البائد ولا لأصحاب المصالح والمطامح نريد قيادات لا تسعى لتحقيق مآرب شخصية ومنافع، نريد كفاءات خاصة من أولئك الذين عملوا بالحقل التربوى الذين قضوا حياتهم فى خدمة التعليم بتفان وإخلاص نُريد شخصيات ذات كفاءة وذات خبرات علمية وميدانية واسعة لا للمُتسلقة ولا للمُتملقة ولا للفئوية ولا لشبكات العلاقات الخاصة والشخصية، والتى أفسدت العملية التربوية. نُريد من أجل مصر ومن أجل أعز ما تملك فلذات الأكباد أبناؤنا الثروة الحقيقية أبناء مصر حاضرها ومستقبلها المُشرق.

وبالنظر للموازنة العامة للدولة 2019/2020م نجد أنها تشمل زيادة غير مسبوقة في مخصصات التعليم بواقع 8٪ بمعدل زيادة قدرها 14٪ وفقًا للبيان التحليلى. هذا وتشهد مصر إنجازات فى مجالات عدة ومنها طفرة غير مسبوقة فى مجال التعليم كما تشهد إنشاء العديد من المدارس منها اليابانية والدولية واللغات.. وهنا لابد من طرح سؤال غاية فى الأهمية: ما المعايير التى يجب مراعتها عند اختيار موظفين بالتعليم كمديرى لهذه المدارس ومديرى إدارات ومديرات؟ لم يعد مناسباً أبداً التغاضى ولو عن بند أو معيار واحد من معايير اختيار الوظائف الإدارية القيادية بالتعليم لاسيما وأن مصر ثرية بأبنائها الواعدين من الشباب المُعد والمؤهل، كما أنها تمر بمرحلة تاريخية فارقة ونقلة حضارية مُشرقة. ومن المنطقى أن يكون المعلم قد تم إعداده على أعلى مستوى وكذلك كل من يشغل وظيفة مدير مديرية أو إدارة أو مدرسة، لماذا ؟! بسبب تغيرات العصر المتسارعة فقد أصبحنا نرى أطفالاً – منذ نعومة أظافرهم – يتحدثون لغات بطلاقة ويستخدمون الكمبيوتر بحرفية عالية ويعملون بالبرمجة. إن مصر وأبناؤها يستحقون الأفضل فى هذه الفترة بعد معاناة من الحروب ومن الإصلاح الاقتصادى والاجتماعى.
نعم أيام معدودات ويبدأ العام الدراسى الجديد 2020 حيث يعتبره كثيرون عاماً محورياً وفى ذات المجال أقصد الإدارى، إن تربية وتعليم الناشئة للأسف الشديد لم يعد أمراً قاصراً على الوزارة حيث ظهر تجار مافيا منافسون فأصبحنا نعانى من تنامى أعداد مراكز ” سناتر ” تجار الدروس الذين حققوا ويحققوا أرباحاً متزايدة تُقدر بالمليارات سنوياً وهى مشكلة مُشتركة تواجه الوزارة والأسر المصرية معاً، بل تؤثر على اقتصاد الدولة وتهدد أمنها وسلمها الاجتماعى. كذلك مافيا الكتاب الخارجى ومن يعمل فى هذا المجال سواء بترخيص أو دونه وحققت أرباحا طائلة أيضاً بالمليارات. حيث تكشف بيانات بحث الدخل والإنفاق، أن الدروس الخصوصية تلتهم ما يزيد عن ثلث ⅓ الأموال التى تُنفقها الأسر. تُنفق الأسر جزءاً كبيراً من دخلها السنوى على التعليم بكافة مشتملاته. الأسر فى الريف تنفق على الدروس 43.9٪ من حجم إنفاق الأسر على التعليم، مقابل نسبة 36.9٪فى الحضر. ويُعد العُمال والموظفون أكثر من ينفقون على الدروس الخصوصية 51.5٪ من حجم الإنفاق على تعليم أبنائهم، فى حين أن أصحاب المهن العلمية، ورجال التشريع وكبار المسئولين والمديرين، هم الفئتان الأقل إنفاقاً على الدروس الخصوصية بواقع 30.1٪ ، 31.7٪ على التوالى، وهى أيضاً نسب مرتفعة، وهو ما يوضح أن الإنفاق على الدروس الخصوصية يلتهم أموال وجيوب المصريين
يُعد التغيير الإدارى المستدام من أبرز خصائص عالمنا المعاصر، ويُمكن أن يحدث في أىّ وقت أو بصفة دورية، ممّا يفرض على الإدارات المعاصرة حقيقة واقعية مفادها أنها الأداة المناسبة لإحداث التغيير وإداراته انطلاقاً من أساليب الشورى والمشاركة والديمقراطية لتحقيق التطوير والتحديث الفعال المرغوب. بينما التغيير التقليدى كان يُفرض فرضاً بواسطة السلطة وهو ما لم يعد يناسب المرحلة الحالية ولا القرن الحادى والعشرون. التغيير التقليدى كان ينتج عنه مقاومة ورفض لهذا التغيير لاسيما من جانب الموظفين الذين يسعون للاستمرار فى وظائفهم والبقاء على كرسيه حتى الخروج للمعاش أو خروج الروح معتمداً على علاقاته ووسطاته ومبرراته التى يحاول بها ومن خلالها أن يستعطف رؤساؤه من اجل البقاء لا لمصلحة المؤسسة وإنما لمصلحته الخاصة فقط.
التغيير الإدارى يُشير إلى تغيير الإدارة باختيار أفضل العناصر وأنسبها للعمل وللقيادة فى ضوء متطلبات المرحلة ووفق سياسة وتوجهات الدولة وطموحاتها. كذلك التغيير قد يُقصد به فكرة أو تطبيق أو ممارسة يقوم بها الأفراد من أجل إحداث تجديد لتحقيق أهداف مرغوب بها أساسيّة مخططة ومرسومة. وفى هذه الحالة أيصاَ فإننا نكون بحاجة ماسة لتغيير الموظفين القائمين على أمر الإدارة لأنهم المنوط بهم تحقيق الفكرة الجديدة وتطبيقها بأعلى كفاءة ممكنة. وهنا نلجأ لمعايير الاختيار لهؤلاء الجدد منها العلم كأن يكون قد اجتاز برامجاً عالمية حديثة ويتحدث بلغات متعددة وأن يكون قد اجرى دراسات مقارنة واطلع على تجارب دول أخرى فى مجال التطوير الإدارى والمناهج وطرق التدريس وعلم النفس وتكنولوجيا التعليم. تنبع أهمية التغيير من الحاجة لمواكبة التطور السريع، ويكون يهدف معالجة أمور نذكر منها: علاج الإخفاق والفشل في تحقيق الأهداف. التكيّف مع التطورات المستقبليّة وتلبية حاجات المجتمعات، والإلمام بالمهارات اللازمة لمسايرة المشاكل التربوية وكيفيّة التغلّب عليها. المساعدة في حل المشاكل وإنتاج أجيال قادرة على حل المشاكل بشكل إبداعي وفعال.

إستراتيجية التغيير التربويّ التعامل مع التغيير ليس من الأمور السهلة، كون التغيير يتصل بشكل مباشر بالأشخاص والذين بطبيعتهم يفضلون البقاء على منهج ونمط واضح غير مجهول المعالم يسيرون عليه، حيث إنّ التغيير يتأثر بعاملين رئيسين هما: الإنسان والبيئة خصوصاً التغيير التربوي الذي يكون أساسه الإنسان، فقوى التغيير المتعلّقة بالإنسان تتفاعل مع قوى التغيير المتوفرة في البيئة.
إن أى حركة تنقلات وحراك واختيار موظفين شباب يتمتعون بالنزاهة والعلم والكفاءة أحد أهم إستراتجيات تحقيق الأهداف والإنجاز وحل المشكلات وتحقيق التطوير ومجابهة وتجفيف منابع الفساد، والسؤال نسمع الكثير من الكلمات والوعود بتمكين الشباب ومنحهم فرصاً للإسهام: فمتى يضطلع الشباب بمختلف مؤسسات التربية والتعليم ولاسيما من تتوفر بهم كافة المعايير وبخاصة الذين سافروا للخارج فى بعثات وأولئك الذين حصلوا على أعلى درجات علمية من مؤسسات وجامعات مصرية عريقة بل وعالمية وقدموا بحوث ودراسات مقارنة ومارسوا العمل بالميدان متى؟! أرى الأفق غائماً والضباب منتشراً ومتفشياً ما دام بعض الموظفين الكبار متشبثين بمناصبهم؟!
سيادة الرئيس عبد الفتاح السيسى معالى الدكتور طارق شوقى رجال مصر وفرسانها الشرفاء المخلصين نأمل فى مزيد من التغيير… نريد قيادات تنكر الذات فى عملها تواصل الليل بالنهار لا ترتبط بوقت العمل فقط ولا تغضب لنفسها بل يكون غضبها حينما يُلاحظ تقصير أو تعطيل أو تمييز أو تؤخر المؤسسة فى تحقيق أهدافها على أكمل وجه.. نريد قيادات منفتحة ليست منغلقة.. قيادات لم تصنع لها ولنفسها أتباع وذيول.. كما أن اختيار موظفين قيادات مناسبة أحد أهم عوامل تحقيق تنمية حقيقية مستدامة، وتجفيف منابع الفساد والإرهاب الأسود الغاشم.. مصر ملأى بأبنائها وشبابها الذين يستطيعون العمل فى كل المجالات والميادين وفى كل الظروف… إن من أكثر الأشياء المبهجة للمصريين حالياً تعيين قيادات جديدة وتغيرها عند الضرورة فلم يعد المنصب حكراً على أحد ولم يعد المنصب مستمراً مع صاحبه حتى نهاية العمر كما كان فيما سلف وفى العهد البائد، حركة التغيير والتنقلات أصبحت حتمية لتحقيق العدالة والاستقرار فى منظومة القيادات وإعطاء فرصة للشباب والدماء الجديدة
إن وزارات عديدة شهدت من أسابيع حركة تنقلات وهى حركة دورية نصف سنوية وسنوية، المصريون يتطلعون لتغييرات جذرية فى وزارات حيوية تمس حياتهم فى كل برهة وبالأخص وزارة التربية والتعليم لارتباطها بفلذات الأكباد أبناؤنا ابناء مصر أعز ما نملك فمتى نختار الأفضل والأنسب للتعامل معهم، ومتى يبهجنا د. طارق شوقى بتغييرات جذرية ويختار قيادات على أعلى مستوى، فمعين مصر لم ينضب بعد، والوظائف والمناصب ليست حكراً على أحد سوى الأفضل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.