ذكرى انتصار جيش وشعب..محافظات مصر تحتفل بمرور 47 عامًا على حرب أكتوبر

تقرير يكتبه/ حسام قنديل

احتفلت القوات المسلحة بمرور 47 عاما على ذكرى انتصارات حرب أكتوبر المجيدة عام 1973، فيما تزايد إقبال المواطنين من مختلف محافظات الجمهورية للاحتفال ودعم الدولة والرئيس السيسى، حيث رفع المواطنون أعلام مصر وصور الرئيس وسط أجواء مبهجة. وهى ذكرى تضافرت فيها جهود الشعب المصرى والجيش، فى مواجهة العدو الإسرائيلى، حيث انتصرت مصر فى حرب يتم تدريسها عالميا باعتبارها انتصار للعسكرية المصرية. وقد أعاد أبناء مصر أمام أعين العالم تشكيل خريطة قوى العالم فى حرب أكتوبر، التي راح ضحيتها آلاف الشهداء الذين سقطوا أثناء دفاعهم عن تراب مصر الغالى. ولم يكن غريبًا أن يتسابق الجميع إلى الاستشهاد الضباط والجنود والمهندسون ورجال الصاعقة وقادة المعارك من المشاة ونسور الجو من الطيارين وغيرهم، هؤلاء الشهداء خاضوا معارك قتالية مع العدو حتى سقطوا شهداء رغبة منهم فى التضحية فداءً للوطن.

حروب إسرائيل مع العرب قبل أكتوبر 1973

وقعت ثلاثة حروب كبيرة بين العرب وإسرائيل قبل حرب أكتوبر 1973، حيث كانت إسرائيل تمارس العدوان واحتلال الأراضي والتوسع الاستيطاني في المنطقة العربية.

كانت أولى الحروب عام 1948، حيث شن العرب هجوماً عسكرياً عقب إعلان دولة إسرائيل، لكنها انتهت بانتصار إسرائيل وهزيمة العرب.

وجاءت الحرب الثانية بسبب العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، حيث تحالفت فرنسا، وإسرائيل، وبريطانيا وحاربت مصر بسبب قرار الرئيس جمال عبد الناصر تأميم قناة السويس، وانتهت بقرار أممي لوقف القتال، ونشر قوات دولية في سيناء، وفتح مضائق تيران للشحن الإسرائيلي.

والحرب الثالثة هى نكسة يونيو عام 1967، والتي احتلت فيها إسرائيل أرض سيناء بمصر، وهضبة الجولان بسوريا، والمزيد من الأراضي الفلسطينية.

أسباب حرب 6 أكتوبر 1973

أدت نكسة 67 لخسائر جسيمة في الجيش المصري والسوري والأردني، واحتلال إسرائيل لقناة السويس وصحراء سيناء ووادي الأردن ومرتفعات الجولان السورية، ومدينة القدس، وأصبح العمق العربي في خطر. واستولت إسرائيل على معدات حربية عربية، وعلى حقول النفط في سيناء، وأنشأت ساتراً ترابياً على امتداد قناة السويس (خط بارليف)، وأيضاً (خط آلون) على جبهة الجولان، وأصبحت مضائق تيران والبحر الأحمر تحت السيطرة الإسرائيلية. وأصدر مجلس الأمن قراراً بانسحاب القوات الإسرائيلية إلى حدود 67، لكن دون تأثير أو ضغط من الدول العظمى.

وبدأت مصر وسوريا حرب الاستنزاف، وهى معارك محدودة ومتكررة لإنهاك واستنزاف العدو الإسرائيلي، كما نشطت في فلسطين حركات المقاومة الشعبية، وأدت هذه الجهود المتناثرة لنتائج أدهشت المراقبين، وشجعت القيام بالخطوة الأكبر. وبدأت مصر وسوريا تعدان العدة لحرب كبرى تهدف لاستعادة الأراضي التي تم احتلالها عام 1967. واهتم الجيش بتربية الروح المعنوية على أساس الإيمان بالله والصبر والثبات والتضحية في سبيله، فبرزت أدوار العلماء والفقهاء بين صفوف الجنود في المعسكرات، بعدما كانت تعتمد سابقاً على الأغاني في التحفيز المعنوي.

قامت القوات المسلحة المصرية بإنشاء تحصينات لحماية الأفراد والأسلحة والمعدات والذخائر، وحفر خنادق ومرابض النيران للمدفعية. كما أنشأت مراكز قيادة، وإقامة سواتر ترابية غرب القناة، وفيها هضبات لاحتلال الدبابات، وإنشاء شبكة صواريخ مضادة للطائرات. وتم إنشاء ملاجئ ودشم خرسانية مسلحة للطائرات والمعدات الفنية بالقواعد الجوية والمطارات وزودت بأبواب من الصلب. وتم إنشاء 20 قاعدة ومطار جديد وتشكيل وحدات هندسية في كل مطار لصيانة وسرعة إصلاح الممرات بمجرد قصفها. كما تم تزويد المشاة بمعدات خاصة وأسلحة دعم تتناسب مع مشكلة عبور قناة السويس.

وقد حرصت مصر على تطوير الإمكانيات العسكرية والاستفادة من خبرات ودعم الدول الصديقة، ووطدت العلاقات والتنسيق العسكري مع سوريا، واتفقتا سوياً على موعد وخطة الحرب. واتفقتا على أن يكون الهجوم يوم عيد الغفران اليهوي حيث تتعطل عندهم الخدمات الجماهيرية بما في ذلك وسائل الإعلام والنقل الجوي والبحري.

بدأت الملحمة بعد حرب 67 ببناء دشم حصينة لحماية الطائرات من ضربها على الأرض وأدركت القيادة السياسية أهمية الصواريخ المضادة للطائرات، وخلال حرب الاستنزاف سطر المقاتل المصرى سطورا مضيئة ببناء حائط الصواريخ للدفاع الجوى المصرى واستطاع أبناء مصر بناء شريط بكامل طول قناة السويس وبعرض 15 كيلو متر شرق القناة موفرا بذلك الحماية الجوية اللازمة لعبور الأفراد والأسلحة الثقيله ولم يكن العبور ممكنًا دون تضحيات.

وأنشأ العدو الإسرائيلى سد ترابي على الضفة الشرقية لقناة السويس بارتفاع 20 متر وانحدر 45 درجة لاستحالة عبور أي مركبة برمائية من القناة إلى الضفة، وعلى طول هذا السد بُني خط دفاعي قوي أُطلق عليه “خط بارليف” “خط بارليف” يتكون من 35 حصن، كانت تلك الحصون مدفونة في الأرض وذات أسقف يمكنها تحمل قصف المدفعية وكانت تحيط بها الألغام والأسلاك الشائكة الكثيفة لتصعيب مهمة الاقتراب منها، وتمكينها من غمر القناة بالنيران الكثيفة لمنع أي مهمة عبور للقوات المصرية.

الضربة الجوية فى 6 أكتوبر .. والعبور العظيم

في تمام الساعة 14:00 (الثانية ظهراً) نفذت أكثر من 200 طائرة حربية مصرية ضربة جوية على الأهداف الإسرائيلية بالضفة الشرقية للقناة، وعبرت الطائرات على ارتفاعات منخفضة للغاية لتفادي الرادارات الإسرائيلية. واستهدفت الطائرات المطارات، ومراكز القيادة، ومحطات الرادار، والإعاقة الإلكترونية، وبطاريات الدفاع الجوي، وتجمعات الأفراد، والمدرعات، والدبابات، والمدفعية، والنقاط الحصينة في خط بارليف، ومصافى البترول، ومخازن الذخيرة.

بعد عبور الطائرات المصرية بخمس دقائق بدأت المدفعية المصرية قصف التحصينات والأهداف الإسرائيلية الواقعة شرق القناة بشكل مكثف تحضيراً لعبور المشاة، فيما تسللت عناصر سلاح المهندسين والصاعقة إلى الشاطئ الشرقي للقناة لإغلاق الأنابيب التي تنقل السائل المشتعل إلى سطح القناة، في تمام الساعة 14:20 توقفت المدفعية ذات خط المرور العالي عن القصف ونقلت نيرانها إلى العمق  وقامت المدفعية بالضرب المباشر على مواقع خط بارليف لتأمين عبور المشاة من نيرانها.

العبور

عبر القناة في تمام الساعة 18:30 2000 ضابط، و30000 جندي من خمس فرق مشاة، واحتفظوا بخمسة رؤوس كباري، واستمر سلاح المهندسين في فتح الثغرات في الساتر الترابي لإتمام مرور الدبابات والمركبات البرية، وذلك ما عدا لواء برمائي مكون من 20 دبابة برمائية، و80 مركبة برمائية عبر البحيرات المرة في قطاع الجيش الثالث، وبدأ يتعامل مع القوات الإسرائيلية. وفي تمام الساعة 20:30 اكتمل بناء أول كوبري ثقيل، وفي تمام الساعة 22:30 اكتمل بناء سبع كباري أخرى، وبدأت الدبابات والأسلحة الثقيلة تتدفق نحو الشرق مستخدمة السبع كباري و31 معدية.

وفى صباح  7 أكتوبر أنجزت القوات المصرية عبورها لقناة السويس، وأصبح لدى القيادة العامة المصرية 5 فرق مشاة بكامل أسلحتها الثقيلة في الضفة الشرقية للقناة، بالإضافة إلى 1000 دبابة، وتهاوى خط بارليف الدفاعي وتحطمت أسطورة الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر، وخلال هذا اليوم واصلت القوات المصرية بتوسيع رءوس كباري فرق المشاة وسد الثغرات بينها وبين الفرق المجاورة داخل كل جيش. فيما قامت القوات الخاصة وقوات الصاعقة بتنفيذ ضرباتها المحمولة جواً بمؤخرة القوات الإسرائيلية مما أرغمه على التحرك ببطء وحذر. وفى اليوم التالى حشدت القيادة الإسرائيلية قواتها ومدرعتها ونفذت القوات الإسرائيلية هجومها المضاد في عدة اتجاهات، كما شهدت بورسعيد أشد المعارك بين قوات الدفاع الجوي المصرية وقوات العدو الجوية، حيث بلغ عدد طائرات العدو المهاجمة لبورسعيد في بعض الطلعات أكثر من 50 طائرة، ونجحت قوات الدفاع الجوي المصرية في إيقاع الكثير من الخسائر بتلك الطائرات وتشتيت هجمات العدو على بورسعيد. وعاودت قوات العدو فى 9 أكتوبر هجومها في قطاع شرق الإسماعيلية ودارت معركة الفردان بين فرقة العدو والفرقة الثانية مشاة الذي نصب كميناً لدبابات العدو المندفعة نحو القناة وفتح النار عليها من ثلاث جهات في وقت واحد باستخدام المشاة المحملين بالأسلحة المضادة للدبابات والمدفعية مما اضطر العدو لسحب قواته بعد تكبده خسائر جسيمة وأسر قائد هجومه، وفشل هجوم العدو يومي 8 و9 أكتوبر من تحقيق أى تقدم، وحافظت فرق المشاة المصرية على مواقعها شرق القناة.

فى يوم 13 أكتوبر حلقت طائرة استطلاع أمريكية من نوع إس آر-71 فوق منطقة القتال وقامت بتصوير الجبهة بالكامل، ولم تستطع الدفاعات الجوية المصرية إسقاطها بسبب ارتفاعها فوق مدى صواريخ الدفاع الجوي على ارتفاع 30 كم وبسرعة 3 ماخ. وقامت نفس الطائرة فى 15 أكتوبر برحلة استطلاعية أخرى فوق الجبهة والمنطقة الخلفية، وبذلك تحققت القوات الإسرائيلية من خلو المنطقة غرب القناة، وأنه يمكن اختراقها. وركزت قوات العدو هجومها ضد الجانب الأيمن للجيش الثاني بمنطقة الدفرسوار على ضوء المعلومات التي قدمتها طائرات الاستطلاع الجوي الأمريكي، بغرض اختراق الجبهة غرب القناة هجوم فرقتان مدرعتان لقوات العدو شرق الدفرسوار في مواجهة الفرقة مشاة يدعمها لواء مدرع  وتمثلت مهمة العدو في إقامة معبر ورأس كوبري في منطقة الدفرسوار لتعبر من خلاله إلى الضفة، وقابلت فرقة العدو رداً عنيفاً من فرقة المشاة المصرية مما حد من تقدمها، ولكن لعدم تكافؤ المواجهة (مدرعات ضد مشاة) تكبدت فرقة المشاة خسائر شديدة.

وتصاعدت حدة القتال في شرق الدفرسوار في معركة شهيرة سُميت بـ”معركة المزرعة الصينية”، تكبد فيها الطرفان خسائر كبيرة في الأرواح والمعدات نظراً لضراوة مقاومة فرقة المشاة المصرية. وبعد تطور الأوضاع ودخول أمريكا الحرب بأسلحتها الحديثة لإنقاذ إسرائيل أيقن الرئيس السادات أنه يواجه أمريكا بثقلها، في حين لم يلبي الاتحاد السوفيتي طلباته من السلاح، فقبل العرض الذي طرحه كيسنجر في 16  أكتوبر بوقف إطلاق النار.

أُصدر قرار وقف إطلاق النار فى 22 أكتوبر بين جميع الأطراف المشتركة في موعد لا يزيد على 12 ساعة من لحظة صدور القرار، ووافقت كل من مصر وإسرائيل رسمياً على القرار، إلا أن إسرائيل لم تحترم القرار فعلياً نظراً لأنها لم تحقق حتى ذلك التوقيت أي أهداف عسكرية أو استراتيجية، فدفعت خلال أيام 22 و23 و24 أكتوبر بفرقة مدرعة ثالثة إلى غرب القناة لاكتساب مزيد من الأرض في ظل حالة عدم التكافؤ سواء العددي أو العتادي وتحت القصف الجوي للطيران الإسرائيلي فاستطاعت تطويق مدينة السويس. وتم حصار الجيش الثالث الموجود شرق القناة وعزله عن مركز قيادته بالغرب، وتدمير وسائل العبور بمنطقته من كباري ومعديات، ومحاوله قوات العدو اقتحام السويس يوم 24 أكتوبر إلا أنهم قوبلوا بمقاومة شعبية شرسة من أبناء السويس مع قوة عسكرية  من الفرقة 19 مشاة  ورجال الشرطة، وبين المدرعات والدبابات الإسرائيلية سميت بـ”معركة السويس”، تكبدت خلالها القوات الإسرائيلية خسائر فادحة ولم تستطع اقتحام المدينة وتمركزت خارجها، وأصبح يوم 24 أكتوبر عيداً قومياً لمدينة السويس رمزاً لفدائية وشجاعة أهلها. وبعد ضغط من الاتحاد السوفيتي أعلنت  إسرائيل  قبولها  وقف إطلاق النار وإنشاء قوة طوارئ دولية لمراقبة تنفيذ وقف إطلاق النار، إلا أن القوات الإسرائيلية استمرت في عملياتها خلال أيام  25 و26  و27 أكتوبر ولم يتوقف القتال فعلياً.

تقرر يوم 28 أكتوبر عقد مباحثات الكيلو 101 بين الطرفين برعاية أمريكا لبحث تثبيت وقف إطلاق النار وإجراءات توصيل الإمدادات غير العسكرية لقوات الجيش الثالث شرق القناة، وفي الوقت نفسه بحث كيفية تخليص القوات الإسرائيلية غرب القناة من نزيف خسائرها المستمر. فانسحبت القوات الإسرائيلية من غرب القناة إلى شرقها عند ممرات متلا والجدي، واحتفظت القوات المصرية بالخطوط التي وصلت إليها خلال الحرب، فيما قامت بتخفيض عدد قواتها بالشرق، وبقيت منطقة فاصلة بين القوات بين الخطوط الأمامية للطرفين تعمل فيها قوات الطوارئ الدولية.

 

 

افتتاح قناة السويس

افتُتحت قناة السويس للملاحة الدولية في يونيو 1975 بعد جولات طويلة من المفاوضات تم الاتفاق على استمرار وقف إطلاق النار بين الطرفين، وتقدم القوات المصرية لاسترداد 4500 كم من أرض سيناء بعمق بلغ أقصاه 35 كم، وانسحاب القوات الإسرائيلية، بحيث يصبح خط قواتها الأمامي يبعد 55 كم عن قناة السويس. وانتهت الحرب رسمياً من خلال اتفاق وقف إطلاق النار الموقع بين الجانبين، حقق الجيش المصري هدفه من الحرب بعبور قناة السويس وتدمير خط بارليف واتخاذ أوضاع دفاعية، تلا ذلك مباحثات واتفاقيتات فض الاشتباك، ثم جرى لاحقاً بعد سنوات توقيع معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل في 26 مارس 1979، واسترداد مصر سيادتها الكاملة على سيناء وقناة السويس في 25 أبريل 1982.

واكتمل التحرير بعد ان مهدت حرب اكتوبر استرداد طابا في  19 مارس 1989.

 

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.