شاعر الوجدان (بقلم: الشاعر حسن منصور- الأردن)

لَمْ أَكُنْ يوماً شاعــرَ السُّلطــانِ// إنّمـــا كُـنتُ شاعــرَ الــوجْـدانِ

يَسكُنُ الشّعرُ في صَميمِ فُؤادي// قـبلَ أنْ يَسْتَقـرَّ فـوْقَ لِسانِي

فهْوَ حِسّي مُترْجَمــاً في كَلامي//وهْـوَ قلبي ما دامَ في خَـفَقان

كنتُ أَمشي على الطّريقِ وحـيداً//عـندَمـا جـاء ليْلُـهُ واحْـتَوانِي

صَـفَـعَـتْـنـي يَـدُ الظّـــلامِ ولـكــــنْ//عَـلّمَـتْني مَعـانِيَ العُـنْـفُـوانِ

عَــلّمــتْني ألاّ أُطَـــــأْطِئَ رأْســي//مُسْــتَـكـيـناً إلاّ لِـرَبٍّ بَـرانِــي

أنْ أُحِــبَّ الطَّـــعام وهــو ضَـريــــعٌ//دونَ ذُلٍّ لِـمُــحْـسِـنٍ مَـنّـــانِ

ولِـهــذا مَشــيْـتُ أحْـمِـــــلُ زادي//مُـسْتَسيـغــاً مَـرارةَ الْحِـرمانِ

راضِــياً بالّـــذي يَصـــونُ بَـقـــائـي//ويُريـني كــرامَتي في العَـنان

****

رُبَّ نفْـسٍ تكــون فـي خَــيْرِ حــالٍ//رغْمَ ضَـعـفٍ يَفُتُّ في الأَبْدانِ

سرْتُ وحْــدي بِقُــوّةٍ لسْـتُ أَدري//أينَ كانَتْ مَـخْبوءَةً في كَيانِي

ما مَـلَـلْــتُ الصّـــراعَ وهــوَ مَـــريرٌ// يـافِــعٌ ظاهِـري وكَهْـلٌ جَنانِي

واثِــقٌ أنَّــنـي أَســــيرُ رَشـــــيـداً// وبِــأنَّ الّــذي بَــرانِي رَعـــانِي

في الليالِي أرى السّوادَ اخْـضِراراً// وأَرى النَّجْـم َزهْـرة َالأُقْــحُـوان

وإِذا أقْـــــبــلَ الصّــــبـاحُ ضَــبـابــاً//بَدّدَتْــــهُ مَـنـــــارَةُ الإيِـمـــانِ

هكــذا سِـرتُ مــنذُ فَــجـرِ حَياتِي//مُـستَـقـلاًّ حـتى عـن الْـخِلاّن

لَمْ أفـكّـرْ بأنَّ لِـي غــيرَ كَــدْحــي//واجْـتِـهادي لِنَـيْلِ كُلِّ الأَمـانِي

ويَقــــيـنـي بِـــدونِ أيِّ ارْتِـيـــــابٍ//أنَّ جُـهـدي ما بـاءَ بالْخِــذْلانِ

ما عَــنـانِي بِـأنْ أَكـــونَ جَـلــيسـاً//لِكَـبيرٍ، ولا الـكَـــبيرُ عَـــنانِـي

****

أَنـا مِـنْ دَوْحِ هـذهِ الأَرضِ أَصْـلــي//وانْـتِــمـائي لِباسِقِ الأَغْـصانِ

خَــلقَ الله ُقِـمَّـتي في ارْتِـفـــاعٍ//كيفَ تَسمو إلَى التُّرابِ الدّانِي؟!

ما اعْـتِذاري إِذا الفــؤادُ نَهــانِي//ما احْتِيالِي إِذا القَريضُ عَصانِي؟

عِـشْتُ ما عِـشتُ يافِـعـاً وشَباباً//رافِـعـــاً هـامَــتي بِــلا إِدْهـــانِ

لَمْ أُصـاحِـبْ سوى كِــتابٍ نَفيسٍ// فــيهِ نـورٌ عن الْـوَرى أَغْنانِي

روْضَـةُ الفِـكرِ ، نُزهَـةُ العَــينِ فـيهِ//سَلْـوَةُ النّفـسِ والفُـؤادِ الْعـانِي

ومِــنَ الـنّـــاسِ مـــا تَـخَـــيَّرْتُ إِلاّ//ثـاقِــبَ الـفِــكـرِ نَـيِّـرَ العِــرْفــان

زادَهُ الْــعـلـــمُ هَــــيْـبَـةً وجَـــلالاً//وكَـســـاهُ مَــحَـــبَّـةَ الإخْــــوانِ

وتَغـنَّـيْـتُ بالّــذي في ضَـمــــيري//صادِقَ القَوْلِ واضِحاً في بَيـانِي

إنْ طَلبْتُ الْمَعنى الْجَمـيلَ أَتـانِي//باسمَ الثّغْرِ سابِقاً في الْمَعانِي

فهْوَ عندي الْحَبيبُ إنْ غـابَ عَنّي//سَهـرَتْ في انْتِـظـارِه العَيْنان.

****

أفَــبـعْدَ الْمَـشيبِ أهْـجُــرُ أرْضـي//ناسِــياً داري تــارِكـاً بُـسْـتـانِي

تـارِكاً مـــا أَلِفْـــتُـهُ فـي حَـــياتِي//مِـن جَــمــالٍ يَـمـــوجُ بِالأَلْـــوانِ

لأَكــونَ الْـوَصـــيفَ عــــندَ فُـــلانٍ//أوْ تَــرانِـي أَمـــامَ بـابِ فُـــلان!

هلْ تَرى النَّحْلةَ السَّجينةَ تُعْطي//شَهْـدَها وهْيَ في يَدِ السّجّان؟

أم تُـراهـا تُـجــيدُ لَـــثْـمَ الأَيــادي// بِشِـفـاهٍ مَخْـلــوقـةٍ لامْــتِـهــان

أمْ تُـراهـــا بِـغــيرِ سُـــمٍّ نَـقـــيـعٍ// هُــوَ والشَّهْـدُ دائِماً في اقْـتِران

أمْ تُـراهــا تَـهــــيـمُ دونَ رَشــــادٍ// في سَـمـــاء الْجِـبـالِ والْوِدْيـان

كُـلُّ شـيءٍ يَـهــــونُ إلاّ ضَـــــلالٌ// ضَـلَّـهُ شـاعِــرٌ شَـدا بِالْـهَـــوان

بـاعَ هــذْيـاً مـنَ الكــلامِ سَـقـيماً// خــارِجـاً عنْ ضمـيرِهِ الوَسْنانِ

يَتَــبـاكـى إِذا الْمـــآتِمُ قــامَــــتْ//وهوَ في العُرسِ صادِحٌ بِالأَغانِي

فَــأقِــــلْــني يـــا رَبِّ مِـمّـــــا أَراهُ// مِــنْ دَعِـيٍّ مُـنافِـقِ الوُجْــدانِ

فــأنـا لا أُريــــدُ إلاّ شُــــمـوخـــــاً// رَفَـــعَــتْهُ يَــدُ الأمــيـنِ الْبــانِي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.