عين الصقر – رواية من أدب المخابرات

               المؤلف: إسماعيل بدوى

الناشر: مركز الحضارة العربية

 

 

 

 

 

 

 

 

قراءة وعرض/ سمير محمد شحاتة

                            صحفى بالأهرام

بعد قراءة الصفحات الأولى من الرواية وجدت نفسي أهتم بقراءة هذا الكتاب الذي يتميز بالخفة والرشاقة التي يتعامل بها الكاتب إسماعيل بدوى مع هذا الموضوع الذي أجمع عليه العلماء والباحثون والعسكريون على أن قصص الأمجاد والبطولات لا تنتهي، مادامت هناك أخطار ومؤامرات تحيط بالعالم العربي، ولا تزال قائمة.

فاللغة السلسة التي استخدمها الكاتب بين الفصحى والعامية تمكننا من قراءته في تلقائية الحوار المستمدة من بعض المفردات العامية. وأقوى ما يميز القصة برأيي كان العناية التي أولاها الكاتب لعالم القصة (عين الصقر) والتفاصيل الحية الدقيقة اليومية في مراحلها المتعددة. لقد استمتعت بالرواية وأحداثها السريعة، التي تدور حول تكليف جهاز المخابرات لأحد قيادات جهاز الأمن الوطني بالذهاب إلى إحدى الدول (منشأ الأجهزة الإلكترونية) للوصول إلى معرفة أحدث ما وصلت إليه من علم وتكنولوجيا من أجل استخدامها وتركيبها في طائرات الإنذار المبكر الحديثة، والعمل على تطوير هذه الأجهزة والقيام بتجربتها قبل استخدامها حتى تكون جاهزة للعمل داخل الطائرات في أسرع وقت ممكن وفى سرية تامة.

ووقع الاختيار على راجح، الخبير فى استحداث مجموعة مكسرات (نانو ليزر، الأشعة تحت الحمراء)، والذي نال ميثاق الشرف الوطني والأمانة، ليس لابنته سلمى التي لا تعلم عن طبيعة عمل والدها شيئاً، ولكن لأطفال وشباب الأمة، ليعرفوا كم يضحى الآباء والأجداد بأرواحهم، ويسعون لراحتهم من أجل الدفاع عن حبات تراب هذا الوطن، والذي نال عنها نوط الشجاعة العليا هو وزملائه الذين شاركوه في مهمته التي كُلف بها، وهو يتذكر اللحظات التي مرت به خلال قيامه بتلك المهمة، والأيام العصيبة التي مر بها في حياته وكللها بالنجاح، وكيف واجه الصعوبات بالتوكل على الله ودعوات والدته وزوجته.

تتوالى أحداث الرواية بقيام مجموعة من الأبطال بالسفر إلى إحدى الدول الأوروبية والولايات المتحدة لشراء أجهزة إلكترونية حساسة وتجربتها داخل بلد المنشأ، ثم تركيبها بعد ذلك في جسم إحدى القطع الحربية وغيرها من طائرات الأواكس “الإنذار المبكر”، وذلك لحماية سماء المملكة والوطن ضد أية أخطار محتملة، خاصة بعد أن تقدم بطل مغوار (راجح) بالبحث في ذلك الشأن، يُعد من أوائل دفعته في إحدى الجامعات الأجنبية، وخبير في الأجهزة الإلكترونية الحساسة مثل “النانو ليزر”، وعُين فرد أمن بمجلس الدفاع الوطني “المخابرات”، وبعد أن أعلن عاهل المملكة وولي عهدها خلال وسائل الإعلام المرئية والمسموعة عن عقد صفقة طائرات حديثة ستدخل ضمن الأسطول الجوى، بعدها قامت الدنيا، خاصة من أبناء الدولة الصهيونية، التي قاومت بكل ما لديها من قوة ونفوذ للحيلولة لمنع عقد هذه الصفقة، إلا أنها فشلت فشلاً ذريعًا وسقط القناع  الثاني الموساد.

يؤكد المؤلف بأنه رغم ما يزعم الصهاينة بأنهم يتحدون العالم، وليس هناك أبواباً تُغلق في وجوههم، إلا أنهم قادرون على فتح الأبواب الموصدة، ويقولون للعالم العربي: أنهم كابحون بكافة السُبل والأشكال لتطلعات العرب، إلا أنه في النهاية، وكما يرى المؤلف، أن الأبطال أعطوهم درساً من العيار الثقيل، وقاسياً في الوقت نفسه، بالرغم من أن البعض منهم ضحى بحياته، وخروج آخرون من الخدمة. وهو الدرس الذي أعطاه المصريون والسوريون وبدعم عربي كامل، وتبنى وجهة مصر من قبل المملكة، بدعمها المادي والمعنوي، ودورها في أن يتحقق النصر.

وفى النهاية، فإن الرواية تسرد أعظم ملحمة عسكرية عرفها العالم في تاريخنا المعاصر، بالقضاء على النظرية الزائفة التي يتحاكى بها الصهاينة بأنها تمتلك “الجندي الذي لا يُقهر”، ولكن خاب الله ظنهم ببسالة جندنا الذين حطموا الساتر المنيع (خط بارليف) في حرب يشهد لها العالم والتاريخ في أعظم ملحمة وهى ملحمة العبور (6 أكتوبر 1973).

وما يدعو للاستغراب، أن أبناء الدولة الصهيونية ليسوا وحدهم، بل أن هناك دولة إسلامية صاحبة المذهب الملالى دخلت اللعبة بأجهزتها المخابراتية وأفراد من الحرس الثوري آملين فى الحصول على معلومات عن تلك الصفقة، ومحاولة القيام بخطف أحد أعضاء مجموعة العمل القائمين على تنفيذ العملية، بل وتصفيتها إذا لزم الأمر، هم وأفراد الأمن التركى أيضاً الذين دخلوا اللعبة بعد أن حاولوا وناوروا، ولكن باءت كل تلك الجهود والمحاولات ثلاثية الأبعاد كلها بالفشل، فكانت المفاجئة الثانية فى إعطاء الدروس فى فنون الكر والمراوغة، وبعدها جروا أزيال الهزيمة كغيرهم، فهم لم يعرفوا مع من يتعاملون، نتيجة الغرور والصلف. وفى نهاية الأمر أعطى الأبطال بقيادة بطل حقيقى السيد راجح، درساً لكل الأطراف الثلاثة، فكانت مهمة من قبل البطل ثلاثية الأبعاد كما يراها المؤلف، ودرس يضاف لعمل المخابرات، كما تدرس فنون أكتوبر القتالية فى جامعات العالم العسكرية، ودرساً آخر لكل من تسول له نفسه أن يتلاعب بمقدرات شعوبنا، أو محاولة الإقتراب من حبات تراب ذلك الوطن، أو أرضنا الطاهرة. والجديد فى الأمر هو الأحداث المثيرة والغريبة فى ذلك العلم، والتى لم يتطرق إليها أى عمل آخر مختص فى العلوم المخابراتية.

وفى الختام، وجه الكاتب تحية لهؤلاء الأبطال الساهرين على أمن وحماية أوطانهم كل فى مجاله، فتحية للصقر الذى طار بجناحيه وزملاؤه وحط على أرضه الطاهرة بسلامة الله بعد إنجاز مهمته على أكمل وجه، وتلك الرواية والقصة والتى أعدها الكاتب تكشف عن ملحمة بطولية لبطل سعودى قام وبمساعدة أفراد مجموعته إختراق كل الحواجز، ومن المستغربات في هذا العمل هو مساعدة الأعداء أنفسهم لوصول الأجهزة الحساسة بعد عملية الخداع الاستراتيجى الذى قام بها بطل العمل وبعدها، كما ذكرنا، يطير الصقر ويلحق بجناحيه ومجموعته إلى سماء المملكة وسط تهليل ودعوات شعب المملكة بسلامة عودة الأبطال مع الأجهزة سالمين، وخيبة أمل مريرة مُنى بها الأعداء وسط ذهول منقطع النظير.

 

تعليق واحد على

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.