بقلم- ملك عبدالله سمرة – باحثة أثرية
اعتاد المصري القديم على استقطاب الأشياء من حوله وتمييزها بما سيفني به، حيث إن منذ فجر التاريخ وحتى وقتنا الحالي التمائم والرموز الدينيه شئ متعارف عليه ومتواجد بثبوت من عصور ما قبل الأسرات، وقد عُثر على تمائم داخل المقابر في عصر ما قبل التاريخ، وقد أُطلق عليها عدة ألقاب تشير لوظائفها مثل نهت بمعني “الوقاية أو الحرز” و سا بمعني “الحراسة”. وهنا تتضح لنا ماهية التمائم، وأن المصري القديم استخدمها في حياته الدنيا لدفع الشر والحسد والمرض وجلب كل ما هو خير له كالحياة والحظ السعيد والرزق وجلب المنافع، لذلك قدسها ولم يقتصر استخدامه لها في الدنيا فقط، بل وضعه معه في القبور لحمايته. فالعالم السفلي واعتقاده في البعث والخلود مره أخرى، حيث بوجود التميمة تسهل دخول روحه وجسده لحقول النعيم. فـتميمة مفتاح الحياة، أو العنخ باللغة المصرية القديمة تعني رمزاً للحياهة بعد الموت .. مصطلح خاص بعالم الأموات والحياه الأخرى، فكانت بمثابه المفتاح الذي يفتح أبواب الآخرة وجميع الأبواب المغلقة في العالم الآخر، وتسهل دخول أبواب الملكوت والنعيم.
وكان شائعًا بشكل خاص في أيدي الآلهة أو يتم منحه من قبلهم للملوك لتمثيل قوتهم في الحفاظ على الحياة، وإحياء الأرواح البشرية في الحياة الآخرة، وكانو أيضاً يحملونه كتميمة ترمز للحياة والصحة، والعالم الآخر، فكان لها عدة تأثيرات، تأثير نفسي حيث كان يعتقد أنه يجلب له الصحة ويبعد العجز. وتأثير عضوي حيث كان يعتقد المصري القديم أنها ستمنح له الحياة، وتأثير سحري حيث اعتُقد بأنه سيمنح منه السكينة والطمأنينة. فغالباً ما نرى رمز عنخ موجوداً في لوحات المدافن المصرية القديمة يمسك بها الآلهة بكلتا اليدين أو قريباً من أنوف الملوك والموتى لمنحهم رائحة الحياة، وضماناً للمتوفي الأبدية في العالم الآخر، وكانت تمثل بشكل زُخرفي مصنوع من معدن مصقول بالذهب أو النحاس ويرمز بذلك للشمس، بينما نعتقد أيضاً أن قدماء المصريين قد صمموا هذا المفتاح كرمز للولادة وبزوغ الحياة، وبأنهم قاموا برسمه على شكل يشبه الرحم وتفرّع البعض منهم بوصفهم لشكله فقالوا أن المقبض المعكوف بشكل بيضاوي ذو نقطتين متعاكستين في رأسه يرمز إلى المُذكر والمؤنث لأنهما أساس وجود الحياة بكافة أشكالها.
وقد اعتقد المصريين القدماء أن مفتاح الحياة يمثل الدور المحوري لنهر النيل في مصر. فالرأس البيضاوي يمثل منطقة دلتا النيل، والجزء الرأسي يمثل مسار النهر، والجزء الأفقي يمثل شرق البلاد وغربها اللذان يحتاجان للحماية، واعتقدوا أيضاً أن الممسك الملتوي على شكل بيضاوي بنقطتين متعاكستين يمثل بشكل رئيسي المؤنث والمذكر أساس وجود الحياة على الأرض، أو أنه يمثل الاجتماع الروحاني لـ”إيزيس وأوزيريس” الذي كان له تأئير على وفرة مياه النيل الذي يُعد أساس الحياة في مصر، أو أنه يدل على البعث وإعادة الحياة عند المصري القديم. وقد تأثرت العديد من الثقافات الأجنبية بمفتاح الحياة، منها ما ظهر علي العملات المعدنية القديمة في قبرص وآسيا الصغرى، وهذا إن دل فـإنه يدل على مدى تأثير العقائد بين الدول بعضها بعضاً.