بقيلم / سارة طالب السهيل
الهوية الوطنية هي مجموعة من المعتقدات والقيم والممارسات التي تميز مجموعة معينة من الأفراد عن غيرهم. تشمل الهوية الوطنية اللغة والدين والتاريخ والثقافة. تعتبر الهوية الوطنية أمرًا أساسيًا، حيث تمنح الأشخاص شعورًا بالانتماء والهوية الذاتية، كما تساعد على فهم موقعهم في العالم، إضافة إلى ذلك، فهي تجسد الشعور بالانتماء، كما أنها تتضمن الحقوق والواجبات للمواطنين.
تعتبر الهوية الوطنية مفهومًا معقدًا ومتعدد الأوجه تتأثر بعوامل مختلفة مثل التاريخ والثقافة والسياسة، وتتغير باستمرار حيث تتفاعل وتتكيف مع الظروف المتغيرة.
مؤخرا، أصبحت قضية الهوية الوطنية مهمة جداً في العالم. بسبب العولمة والهجرة التي أدت إلى زيادة التواصل بين الأشخاص من خلفيات مختلفة. وتحديات جديدة، حيث يجد الأشخاص صعوبة في توفيق هويتهم الوطنية وهويتهم العالمية.
تعتبر الهوية الوطنية أحد العوامل المهمة في حياة الناس، بالرغم من التحديات التي تواجهها. فهي تمنحهم شعوراً بالانتماء والهوية الثقافية، وتساعدهم على فهم مكانهم في العالم.
الهوية الوطنية تؤدي دورًا كبيرًا في ربط المواطن ببلده من خلال اللغة. فاللغة هي جزء أساسي من الهوية الوطنية، والشعور بالانتماء والارتباط.
الدين يلعب أيضًا دورًا مهمًا في تعزيز الهوية الوطنية. إذ يعتبر نظامًا يحدد معتقدات وقيم الناس وتصرفاتهم. عندما يتفق الناس على الدين نفسه، يشعرون بالترابط والانتماء إلى بعضهم البعض.
فبكل تأكيد في الوطن الواحد عادة عدة أديان يحترم كل منهم الآخر وغالبا نستطيع أن نعتبر الديانات السماوية الثلاث دينا واحدا من حيث المصدر والهدف، وإن اختلفت التشريعات. ورغم أن التشابه بالأديان يعزز التفاهم والانتماء والاندماج، إلا أن تنوع واختلاف الأديان يجب ألا يكون عائقا في طريق الانتماء الوطني والالتفاف حوله؛ لأن بالنهاية الدين عبادة خاصة بين الإنسان وربه، ولكن الوطن قضية عامة تخص كل مواطن.
التاريخ هو أيضًا جزء مهم من الهوية الوطنية. التاريخ هو قصة شعب معين، وهو يساعد الناس على فهم من هم، وكيف وصلوا إلى ما هم عليه اليوم. عندما يتشارك الناس التاريخ نفسه، فإنهم يشعرون بأنهم أكثر ارتباطًا ببعضهم البعض.
الثقافة هي أيضًا جزء مهم من الهوية الوطنية. الثقافة هي مجموعة من العادات والتقاليد والمعتقدات التي تميز مجموعة معينة من الناس. عندما يتشارك الناس الثقافة نفسها، فإنهم يشعرون بأنهم أكثر ارتباطًا ببعضهم البعض والارتباط بأرضهم. وذلك لأن الهوية الوطنية تعطيهم شعوراً بالانتماء.
عندما يشعر الناس بالارتباط بأرضهم، فإنهم يكونون أكثر استعدادًا للدفاع عنها وحمايتها.
عانت دولنا العربية قبل عقدين من الزمان من العديد من الأفكار المتطرفة التي سعت للانقضاض على ثوابت هويتنا الوطنية، والتي هي ركيزة أساسية في أمن وسلامة مجتمعاتنا سياسيا وأمنيا واقتصاديا واجتماعيا.
وساهمت تكنولوجيا اتصال المعلومات ووسائل الاتصال والسموات المفتوحة في وصول العديد من الأفكار المنحرفة إلى الأجيال في عقر دارهم، فتلقوها دون وعي منهم بمخاطرها على سلامة هويتنا الوطنية والقومية، ومع الوقت تفاقمت مخاطر حروب الجيل الرابع والخامس وغيرها، فتمزقت العديد من البلدان في حروب داخلية وانقسامات حزبية وطائفية وعرقية كما في لبنان وسوريا واليمن والعراق وغيرها.
من هنا تكتسب قضية الحفاظ على الهوية الوطنية، وتعضيدها وتماسكها أهمية قصوى، في زمن تسعى فيه القوى الكبرى إلى تمزيق الدول وتفتيتها وتشظيها للانقضاض عليها، ومحوها من الخارطة الدولية، وفقا لمخططات شيطانية تحولنا مع الوقت إلى عبيد بعد أن كنا أحرارا وأسيادا في أوطاننا.
ولا سبيل للحفاظ على أوطاننا العربية بمعزل عن الحفاظ على هويتنا الوطنية وتحصينها من أمراض التفتيت الفكري والعقدي والاثني، وتعزيز المناعة المجتمعية، أولا بالوعي بأهمية مفهوم الهوية، وثانيا بالحفاظ على مقوماتها وتطوير أدواتها لتناسب متغيرات العصر وتحدياته.
فالتشظي الذي عانته دولنا العربية بسوريا والعراق واليمن ولبنان في فترات سابقه ، كان نتاجا لغلبة أفكار تعلي من شأن العرق تارة أو الطائفية والإثنية والدينية والحصانة الحزبية تارة أخرى، وأفضى كل ذلك إلى صراعات وحروب داخلية قوضت أمن واستقرار هذه البلدان، ونهشت في جسدها ودمرت اقتصادها.
لذلك تبقى الهوية الوطنية والحفاظ عليها مفتاحا رئيسيا للحفاظ على الأمن القومي للأوطان يضمن قدرتها على الصمود في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية، وعبور كل موجات الأزمات والمخططات الرامية لتدمير الأوطان.
تأثيرات خارجية
ساهمت مجموعة من التأثيرات الخارجية بالسلب على الهويات الوطنية للشعوب، في مقدمتها تأثير وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي والتقنية الحديثة، في إضعاف مناعة مجتمعاتنا وإضعاف هويتنا الوطنية، الأمر الذي أثر بالسلب على أمن واستقرار دولنا العربية سياسيا واقتصاديا.
فالمتلقي العربي لم يكن قادرا على فرز الغث من الثمين من أفكار ومضامين ثقافية عبر وسائل الاتصال التقنية الحديثة، وأوقع الكثير في فخاخ أفكار التطرف والإرهاب.
تواكب ذلك مع غياب تشريعات قانونية تضبط شبكات التواصل الاجتماعي، وهو الأمر الذي يتطلب وضع استراتيجيات وطنية لحماية الجماهير من هذه المخاطر، وتوظيف تقنيات العصر في غرس الهوية الوطنية والانتماء لدى النشء والشباب وتشكيل وعيهم ووجدانهم بشكل صحيح وزيادة وعيهم بمفهوم الأمن القومي والحفاظ على أمن واستقرار الدولة وقوتها.
تجليات الهوية الوطنية
تعبر الهوية الوطنية في تجلياتها الواسعة عن قيم الانتماء إلى الأرض والتاريخ والعادات والتقاليد، فهي بناء أخلاقي تراكمي تتوارثه الأجيال، وتضيف عليه من مكتسبات حاضرها ما يمكنها من التعايش مع ظروف العصر وتحدياته، وتترجم هذه المعطيات جميعا على أرض الواقع في التعاون المجتمعي والجمعي في الحفاظ على النظام العام واحترام الحقوق والواجبات المتبادلة بين الحاكم والمحكوم.
ويظل الاندماج الكلي بالهوية الوطنية هو أعلى مراتب الحفاظ على الوطن، وهو ما يترجم عمليا في تحقيق مكتسبات الاستقرار والأمان الفكري والسياسي والاقتصادي الاجتماعي.
فالهوية الوطنية تشكل مفردات حياتنا اليومية وسلوكنا الاجتماعي الخاص بطبيعة معيشتنا في الأفراح والأتراح وحل النزاعات الاجتماعية والقانونية وحقوق المواطنة والأديان والأعراق ورؤيتنا لقيم العدل والمساواة والأخلاق جميعا.
وإذا ما توافرت هذه القيم والعناصر داخل الهوية الوطنية، فإنها تصبح مصدرا للفخر والاعتزاز الفردي والاجتماعي، وحافزا شعبيا للذود والدفاع عن الوطن ضد أي مخاطر.
تعزيز الهوية
تنطلق مهمة تعزيز الهوية الوطنية بالحفاظ على مقوماتها من موقع جغرافي واحد وتاريخ مشترك وحقوق متساوية كحق التعليم وحق الملكية، وثروات موظفة لصالح المواطن وتعليمه وتثقيفه وتشكيل وعيه بالوطن و الأرض والدين والحضارة والتراث، ذلك عبر أدوات التعليم والإعلام والتثقيف والقيم الدينية التي تعلي من شأن الأوطان والحفاظ عليها، حافظة الإنسان على عرضه وأرضه وماله ودينه.
ويرتبط تعزيز الهوية بعناصر مهمة مثل إظهار الفخر الشعبي بالتراكم الحضاري والتراثي في الأوطان والحفاظ عليه، وحماية التراث من التزييف، والتصدي للأفكار المتطرفة والإرهاب ومحاولات سرقة الهوية. وهو ما يتطلب وضع برامج توعية ترسخ لقيم المواطنة والارتقاء بالذوق العام والحس الجمالي، وبرامــج أخرى تتصدى لأفكار التطرف والإرهاب وبيان خطورتها على المجتمع.
وينبغي تنشيط مؤسسات الدولة التعليمية والتربوية والإعلامية والثقافية والدينية للقيام بدورها في بناء الشخصية والهوية الوطنية، ووضع تشريعات ثقافية للحفاظ على الهوية الوطنية انطلاقا من الحفاظ على اللغة الوطنية الأم، مرورا بالحفاظ على الصناعات التراثية واليدوية وإحيائها وتدريب الشباب عليها لتحويلها إلى منتجات صناعية تتولى الدولة تسويقها لفتح مجالات عمل للشباب تحميهم من البطالة والفراغ الذي يستغله أعداء الوطن بمناهضة استقرار البلاد.
كذلك تطوير الخطاب الإعلامي والديني والثقافي الموجه للشباب العربي، والذي يشكل ما يزيد عن 40% من تعداد السكان الغارق في العولمة بكل ما فيها سلبيات وإيجابيات، والغارق أيضا في متاهات الرقمية بكل صورها وتحدياتها العصرية لمجتمعاتنا العربية وقيمها الأخلاقية.
وهنا تبرز الحاجة إلى تطوير مستويات الخطابات الموجهة للشباب بما يساعدهم على فهم الدين والمعطيات الحضارية بما يناسب عصرنا وعقولنا، ويحفظ أمن واستقرار الأوطان.
وأمام تحديات عصر الفضاء الإلكتروني، فلا بد من مواكبة ما تفرزه لنا من أفكار خطرة، وذلك من خلال توفير المنتج الثقافي العربي الوطني إلى جمهوره الشعبي في المدارس والنوادي ومراكز الشباب، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، مما يسهم في تفعيل منظومة تشكيل الوعي العام بالهوية.
ووضع سياسات ثقافية تواكب واقعنا المتغير بسرعة، بإنشاء قنوات خاصة تقدم محتوى عربي للأطفال من ثقافتنا ومعبر في الوقت نفسه عن معطيات عصرنا الحديث وهو ما يمكننا من الحفاظ على الهوية القومية والوطنية.
كما باتت الحاجة أشد إلحاحا على توفير المنتج الثقافي بسهولة إلى جمهوره الشعبي في المدارس والنوادي ومراكز الشباب، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي من شأنه الإسهام في تفعيل منظومة تشكيل الوعي.
إن الهوية الوطنية هي مفتاح بقائنا أعزاء في دولنا، ومفتاح التمتع بثرواتها عوضا عن أن تذهب هباء لأصحاب الأجندات والمصالح الخاصة والمطامع الخارجية.
وغرس مفهوم الهوية الوطنية لدى الأجيال لا بد أن ينطلق من قواعد ضـــــرورة الإيمان بالوطن كدولة وكيان والانتماء إليه انتماء الفرد إلى عائلته، وتحقيق مصالح الأطياف المجتمعية الفكرية والسياسية والعرقية الدينية المشكلة لمفردات هذا الوطن، وتحقيق المساواة بينهم في الحقوق والواجبات.
واعتراف الدولة من جانبها بكل أطياف المجتمع كشركاء في بناء الوطن وتشكيل هويته الوطنية.
ومحاربة أي خطاب إقصائي أو تخويني لمكون أو طيف أو عرق من مكونــــات هذا الوطن، وضمان حرية الاختلاف والحريات العامَّة والشخصية.
وتقديم النموذج القدوة لرجال الأعمال الوطنيين الذين يؤثرون ضخ أموالهم في مشروعات تنموية بالوطن عوضا عن الخارج لتقوية الاقتصاد الوطني، وكذلك إبراز النماذج الوطنية التي ساهمت في الحفاظ على الهوية الوطنية من فنانين ورياضيين ومهندسين ومعلمين ومفكرين وغيرهم.
الطرق للحفاظ على الهوية الوطنية هي
تعزيز اللغة العربية
الحفاظ على التراث الثقافي من خلال دعم الفنون والحرف اليدوية التقليدية.
تعزيز السياحة من أجل التعريف بالتراث الثقافي.
دعم التعليم والتدريب المهني من أجل الحفاظ على المهارات التقليدية.
تعزيز دور المرأة من أجل الحفاظ على القيم والتقاليد.
تعزيز دور الشباب من أجل الحفاظ على الهوية الوطنية.
تعزيز دور الإعلام من أجل الحفاظ على الهوية الوطنية.
تعزيز دور المؤسسات الدينية من أجل الحفاظ على الهوية الوطنية.
تعزيز دور المؤسسات التعليمية من أجل الحفاظ على الهوية الوطنية.
تعزيز دور المؤسسات الثقافية من أجل الحفاظ على الهوية الوطنية، وتشمل الشعر والأدب والقصص والأناشيد والأغاني والأعمال الدرامية والفنية والموسيقى والرسم والنحت والأعمال اليدوية والمزخرفات والملابس التقليدية، وكل ما يتعلق بترسيخ التراث وتثبيته في عقل ووجدان الشعوب.
* تعزيز دور الأسرة من أجل الحفاظ على الهوية الوطنية.
* تعزيز دور المجتمع المدني من أجل الحفاظ على الهوية الوطنية.
* تعزيز دور القطاع الخاص من أجل الحفاظ على الهوية الوطنية.
* تعزيز دور الحكومة من أجل الحفاظ على الهوية الوطنية.
* تعزيز دور المؤسسات الدولية في المجتمع من أجل الحفاظ على الهوية الوطنية.