عمرو الكاشف يكتب :وداعا سمير غانم اسطورة الكوميديا والشخصية المصرية الأصيلة ابن اسيوط لن تتكرر

مقال

عمرو الكاشف يكتب :وداعا سمير غانم اسطورة الكوميديا والشخصية المصرية الأصيلة ابن اسيوط لن تتكرر

رحمة الله عليه اسطورة الكوميديا الفنان القدير سمير غانم رحل ابن محافظة اسيوط رحل عن عن عمر ٨٤ عاما وتم تشيع جثمانه إلى مئواه الأخير غدا من مسجد المشير بالتجمع الخامس .. ثم دفنه بمقابر الوفاء والأمل بالتجمع الخامس.. الفاتحة لروحه
الراحل كوميديانجي ومبدع لن يتكر امتعنا ومازال لسنوات ووضع بصماته الفنية ليسطر بها تاريخا فنيا خالدا.. مواليد عام 1937 تخرج فى كلية الزراعة جامعة اﻹسكندرية، ثم التقى بكلٍ من جورج سيدهم والضيف أحمد، وكونوا معا ثلاثي أضواء المسرح الذى لمع من خلال مجموعة الاسكتشات الكوميدية الشهيرة، ثم قدم الثلاثة بعدها عددًا من الأفلام والمسرحيات الناجحة، بعد وفاة الضيف أحمد قدم مع جورج سيدهم عدة مسرحيات، وفي ثمانينيات القرن العشرين لمع نجمه في سماء فوازير رمضان التى قدمها لعدة أعوام، هذا إلى جانب عدد ضخم من الأعمال السينمائية والتليفزيونية والمسرحية البارزة.

“37 سنة حب”.. قصة زواج دلال عبد العزيز والراحل سمير غانم بعد مطاردة

وكان الراحل القدير سمير غانم وزوجته الممثلة دلال عبد العزيز، قد نُقلا إلى المستشفى قبل نحو 3 أسابيع بعد تدهور حالتهما الصحية جراء الإصابة بفيروس كورونا.

شكلت قصة حب وزواج الفنان المصري الراحل سمير غانم من الفنانة دلال عبد العزيز حالة فريدة بين الزيجات الفنية حيث نجحا في الابتعاد عن المشاكل التي تعصف بمثل هذه الزيجات.


وبدأت علاقة الطرفين حين قام الفنان جورج سيدهم بترشيح الفنانة دلال عبد العزيز للمشاركة فى بطولة مسرحية “أهلا يا دكتور” التي كان يقوم ببطولتها الفنان سمير غانم.

وكشفت الفنانة دلال عبد العزيز في عدد من الحوارات التلفزيونية، أن الفنان سمير غانم كان يحرص على أن يقوم بتوصيلها بسيارته الخاصة، بل ويقوم بشراء “زهرة فل” لها خلال فترة التعارف في المسرح والتي استمرت لأربع سنوات.

وقالت دلال : “كان في واحد بيبيع الفل وكان بياخد (سمير غانم) فل ويديني ويقولي اتفضلي يا حبيبتي، وبعد ما اتجوزنا جالنا بتاع الفل راح رد سمير غانم عليه بصورة كوميدية وقاله اتجوزنا خلاص “.

وأشارت إلى أن “الفنان سمير غانم كان له بعض الأفعال التي جعلتها تقع في حبه، مثل أنه كان يفتح لها أبواب السيارة”.

مطاردة بالسيارة:

أما الراحل سمير غانم فقد كشف أنه في بداية الأمر كان متخوفا من الزواج بالفنانة دلال عبد العزيز نظرا إلى فارق العمر بينهما الذي يصل إلى 20 عاما، لكنه لفت إلى أن أهم ما جذبه إليها “طيبتها الشديدة مع أصدقائها”.

وأضاف سمير غانم أن الفنانة دلال عبد العزيز كانت تطاردة بالسيارة، “لذا تزوجتها حتى أتخلص من تلك المطاردة”، مؤكدا أن بعد إنجابه ابنته الأولى دنيا، حياته تغيرت.

كما كشف الفنان سمير غانم، أن هناك عددا كبيرا من الفنانين حرصوا على إقناعه بفكرة الزواج من دلال عبد العزيز منهم الراحل فريد شوقي وميرفت أمين، خاصة وأنه كان يرفض تكرار التجربة مجددا بعد أن تزوج قبل ذلك مرتين، ولكن لم تستمر أي من زيجاته أكثر من 3 شهور فقط.

رابط فيديو للراحل

https://www.facebook.com/watch/?v=785210945524683

د. أشرف رضوان يكتب: أزمة سد النهضة .. والتدخل الأمريكي

د. أشرف رضوان

ربما يرى الخبراء والسياسيون أن مصر تمر بموقف صعب في ملف سد النهضة نتيجة المماطلة المتعمدة التي تمارسها إثيوبيا، والتصريحات الوهمية التي تتهم فيها مصر والسودان بعرقلة مسيرة المفاوضات. وقد ازداد هذا الشعور بعد مطالبة مصر بالتدخل الأمريكي لحلحلة هذه المشكلة المعقدة، إلا أن الموقف الأمريكي جاء ضعيفًا ويميل إلى الحياد الذي لا يخدم القضية المصرية والسودانية، لكن بالتحليل المنطقي للمشهد نستنتج عكس ذلك.

فمصر تسعى في طريقها لتُسمى “مصر العظمى” بعد حصولها على صفقات أسلحة وطائرات متنوعة المصادر وتحريرها من قبضة الاحتكار الأمريكي الذي ظل لسنوات عديدة منذ اتفاقية كامب ديفيد وحتى وقت قريب. حاولت الولايات المتحدة أن تعاقب مصر على هذه الخطوة بحرمانها من المساعدات التي كانت تعطيها لمصر على شكل قطع غيار وصيانة للأسلحة، إلا أن مصر سعت في طريقها إلى التحرر حتى خاطب وزير الدفاع الأمريكي الرئيس أوباما آنذاك محذرًا إياه من هذا القرار. فمصر ليست مثل أي دولة، خاصة وأنها حليف استراتيجي مهم في منطقة الشرق الأوسط وبدونه تفقد أمريكا مكانتها في المنطقة، الأمر الذي وضع الولايات المتحدة في حيرة إلى أن استسلمت للأمر الواقع الذي يسمح لمصر بتنوع مصادر الأسلحة، وهذا بالطبع ما أزعج إسرائيل التي كانت تمتلك الأسلحة الأكثر تطورا خاصة الطائرات.

ولمن لا يعرف مدى التطور الذي حدث في أسلحة الجيش المصري في السنوات الأخيرة، فقد استطاعت مصر شراء عدد 2 حاملات طائرات مسترال 1 و 2 لحماية مصالحنا في البحر المتوسط والأحمر، خاصة بعد الاكتشافات البترولية فى البحر المتوسط والتي كانت سببا في ترسيم الحدود البحرية مع كلا من قبرص واليونان لكي تفسح المجال لشركات النقب الإيطالية للتنقيب عن الغاز بدون عقبات. فمصر في طريقها إلى الاكتفاء الذاتي من الغاز. وتتوالى المفاجآت بشراء الفرقاطات والغواصات والطائرات الرافال والميج 29 والمروحيات من طراز كا 52 الروسية، وأخيرا الصفقة الأكبر في التسليح بالطائرات وهى سوخوي 35 ذات السيادة الكاملة. ألا يكون هذا كافيا لإزعاج أمريكا وإسرائيل؟!

وبعد أن وضع الرئيس السيسي الخط الأحمر عند الاقتراب من سرت والجفرة الليبية وعدم قدرة تركيا على المواجهة ازدادت المخاوف الإسرائيلية. وبالنظر إلى قضية سد النهضة ومدى التعسف في الموقف الإثيوبي وإصرارها على الملء الثاني دون الرجوع أو الاتفاق مع دولتي المصب مصر والسودان لابد من استنتاج أن هناك قوى تدعم الموقف الإثيوبي في ذلك، خاصة وأن إثيوبيا لا تملك الإمكانات التي تمكنها من مواجهة مصر عسكريا. والسيناريو المتبع مع كلا من مصر والسودان هو أن يكونا تحت الإرادة الإثيوبية فيما يتعلق بملء السد وتشغيله، وأن يفرض الأمر الواقع نفسه ولن يتبقى غير الخيار العسكري الذي ربما يضر بالسودان ويتسبب في غرق الكثير من أراضيها، بالإضافة إلى الأضرار التي يتسبب فيها ضرب السد لملايين البشر، وبذلك تصورت إثيوبيا ومن وراءها أنها تمتلك خيوط اللعبة. وقد انكشف الغطاء من على الوجه الأمريكي بعد زيارة مبعوثها إلى  مصر من أجل حل القضية والذي لم يقدم شيئًا إيجابيًا على الرغم من قدرة أمريكا على التأثير على الموقف الإثيوبي للتراجع عن موقفها، وكأن أمريكا تعلن مساندتها صراحة للموقف الإثيوبي وتنتظر مبادرة مصر بضرب السد لكي تبعث بتوصيات إلى مجلس الأمن بفرض عقوبات على مصر وكأنها دولة معتدية، إلا أن مصر وما لديها من خبراء سياسيين استطاعت أن تكسب تأييد العديد من الدول وإظهار الموقف الإثيوبي المتعنت بوضوح أمام المجتمع الدولي وقد يكون هذا سببا كافيا لكي تقدم مصر على خطوة ضرب السد دون فرض أية عقوبات عليها خاصة بعد الموقف الأمريكي المتخاذل تجاه القضية والذي يُضعف الموقف الأمريكي عند المطالبة بفرض عقوبات على مصر في حال ضرب السد لأنها لم تقدم على حل القضية على الرغم من إمكانية عمل ذلك وهذا ما يسعد إسرائيل التي لا تريد لمصر أن تتقدم، خاصة القوة العسكرية التي ازدادت بشكل ملحوظ.

إن مصر بما لديها من خبراء سياسيون وأجهزة مخابرات تُعد من أقوى الأجهزة على مستوى العالم لن تتعثر في مثل هذه القضية ولكن اتخاذ القرار سوف يتم في اللحظة المناسبة وهذا ما يزعج الدول المعادية التي تشاهد صعود مصر العظمى دون مقدرتها على إيقافها. وسيأتي اليوم الذي يسجل التاريخ كيف استطاعت مصر عبور هذه الأزمة باقتدار مثلما فعلت في عبور خط بارليف في حرب أكتوبر المجيدة عام 1973.​

كيف يستعد أبناءنا للامتحانات الشهرية؟

بقلم: أحمد فيظ الله عثمان

          مدير الإدارة التعليمية بالمعادي سابقاً

يستعد أبناءنا وأحفادنا لدخول امتحانات آخر الشهر وأردت أن أوجه النصح لهم بأن تنظيم الوقت فى هذه الأيام من الأهمية بمكان وعمل جدول لمراجعة الدروس له أهمية كبيرة وعند المذاكرة لابد من قراءة الدرس قراءة شاملة لكى نلم بالحقائق والأفكار أو النظريات والقوانين. ثم تأتى مرحلة التسميع، وله طرق مختلفه منها استخدام الكتابة أو التلخيص، لأن هذه الطرق تثبت المعلومات فى الذاكرة وتزيد قدرة العقل على التذكر، فاستعمالك لأكثر من حاسة فى المذاكرة يعينك على الفهم والحفظ، والاستعانة بالقلم والورقة أمر مهم جدا وعليك بالراحة من الاستذكار كل ساعة عدة دقائق وعدم استذكار مادة واحدة طوال اليوم فذلك يُجهد المخ ويصيبه بالملل والتعب االسريع.

وننصح بمذاكرة المواد التى تحتاج إلى الحفظ قبل النوم مباشرة لأن هذا يؤدى إلى تثبيت ما حفظه بصورة أفضل، واحرص على إنهاء مذاكرتك عند نقطة شيقة حتى تكون عندك رغبة فى المذاكرة مرة أخرى، ولا تذاكر وأنت تشعر بالإرهاق والتعب، مع مراعاة اختيار المكان الذي يتميز بالهدوء وجودة التهوية والإنارة، ويكون الضوء غير مباشر، وأنصح أبنائى الطلاب بالاهتمام بالتغذية السليمة على أن يكون غنيا بالسعرات الحرارية، وعدم تناول المنبهات مثل الشاى والقهوة، وعليك بحل الأسئلة والتمارين الخاصة بموضوع الدرس والرجوع لمدرسك عندما يصادفك أى غموض.

وفى النهاية أدعو الله أن يحقق النجاح لأبنائى الطلاب والحصول على مجموع متميز ويؤهلهم بأن يكونوا من أوائل المدرسة والإدارة التعليمية .. وهذا فخر لكل طالب ولأسرته ومدرسته.

قناة السويس .. تاريخ في مرمى التطوير

كتبت: ملك عبد الله سمرة – باحثة أثرية

يُعد المصريون القدماء أول من شق قناة تربط البحر الأبيض المتوسط بالبحر الأحمر عن طريق نهر النيل وفروعه، وكانت أول قناة أنشأها سنوسرت الثالث، أحد ملوك الأسرة الثانية عشرة عام 1874 ق.م.، ثم أُهملت وأُعيد افتتاحها عدة مرات تحت أسماء مختلفة منها: قناة سيتي الأول عام 1310 ق.م.، فقناة دارا الأول عام 510 ق.م.، ثم قناة بطليموس الثاني عام 285 ق.م.، وقناة الرومان في عهد الإمبراطور تراجان عام 117، وقناة أمير المؤمنين عام 640 بعد الفتح الإسلامي لمصر على يد عمرو بن العاص، وظلت 150 عاماً إلى أن أمر الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور بردم القناة التي كانت تصل بين الفسطاط والسويس، وسدها من ناحية السويس منعاً لأي إمدادات من مصر إلى أهالي مكة والمدينة الثائرين ضد الحكم العباسي، وبعدها فتحها هارون الرشيد لفترة ثم رُدمت من جديد، ثم أغلق الطريق البحري إلى الهند وبلاد الشرق وأصبحت البضائع تنقل عبر الصحراء بواسطة القوافل، وأغلقت القناة حتى عام 1820، وعندما اكتشف البرتغاليون طريق رأس الرجاء الصالح في بداية القرن السادس عشر الميلادي تغيرت معه حركة التجارة العالمية.

ومنذ افتتاحها في 17 نوفمبر 1869 مرت القناة بمراحل تاريخية وشهدت تطورات وأحداثًا كبرى كان أبرزها قرار التأميم الذى أعاد الحقوق لأصحابها، وتعرضت للإغلاق بعد حرب عام 1967، وتم افتتاحها فى يونيو 1975. فقناة السويس تحظى بأهمية كبيرة في مجال الملاحة البحرية على مستوى العالم بشكل عام، ومصر بشكل خاص، إذ تُمثل القناة أقصر طريق يربط بين الشرق والغرب، كما تشكّل حلقة الوصل بين مدينة السويس المُشرفة البحر الأحمر، ومدينة بورسعيد المُطلّة على البحر الأبيض المتوسط، إضافة إلى ذلك تُعدّ قناة السويس أسرع طريق للعبور بين المحيط الأطلنطي والمحيط الهندي.

أشارت بعض الدراسات إلى الأهمية التجارية لقناة السويس، إذ أن القناة أدت إلى زيادة حركة النقل التجاري، مما قلّل من حركة النقل التجاري البحري عبر الطرق الأخرى على مستوى العالم أجمع، حيث تسيطر قناة السويس على ما يقرب من 8% من إجمالي حركة الشحن التجاري عبر العالم، إذ ينتقل عبرها نحو 900 مليون طن من البضائع سنوياً، بالإضافة إلى نحو 2.5% من إنتاج النفط العالمي. وتسهم الأهمية الاقتصادية لقناة السويس بشكل كبير في اقتصاد مصر، فهي تلعب دوراً مهماً في زيادة الدخل القومي، وذلك من خلال مصدرين رئيسيين، إذ يتمثل المصدر الأول في الرسوم التي تُؤخذ مقابل عبور السفن من هذه القناة المائية، أو الإيرادات التي تقدمها شركة قناة السويس البحرية للدولة، أما مصدر الدخل الآخر الذي تُشكّله فيتمثّل في المبالغ المالية التي ينفقها ركاب السفن العابرة أثناء فترات التوقف القصيرة في أي من الموانئ المائية الموجودة على طول القناة، وذلك لقاء حصولهم على بعض الخدمات والبضائع.

قناة السويس تسجل أرقاماً قياسية في الإيرادات وحركة السفن

عرقلة حركه القناة تُصيب الدخل القومي

لم تكن السفينه الجانحة “إيفر جيفن” وحدها التي عرقلت حركه التجاره والملاحة في قناه السويس، فـهذا الحدث أصاب القناة‍ عدة‍ مرات. فمنذ افتتاح القناة عام 1869 في حفل مهيب وبميزانية ضخمة، وحتى وقتنا الحالي، تأثرت قناة السويس منذ إنشائها بالعديد من التقلبات السياسية والحروب على مر العصور التي أدت إلى تعرضها للإغلاق 8 مرات ليس كلها بسبب الحروب أو الأزمات السياسية فقط بل بسبب جنوح سفينة أو ناقلة أو بسبب العوامل الجوية. فالمرة الأولى التي أُغلقت فيها قناة السويس أمام حركة الملاحة وعبور السفن، كانت بعد افتتاح قناة السويس بـ 13 عام، وذلك في أعقاب الثورة العرابية في عام 1882، نتيجة الأحداث التي شهدتها البلاد والمقاومة العرابية لمنع الاحتلال الإنجليزي لمصر، ودامت لمدة يومين.

وأُغلقت أيضًا في فبراير عام 1915، حيث توقّفت الملاحة في القناة بسبب الحرب العالمية الأولى وغرق عدد من السفن في بوغاز بورسعيد. وأثناء الحرب العالمية الثانية في الفترة من 28 أغسطس 1940 إلى 27 يوليو 1942. وأيضًا في سبتمبر 1952 بسبب غرق إحدى السفن عند الكيلو 85 في القطاع الشمالي بالقرب من مدينة بورسعيد.

ثم في العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 حين أغرق داخلها 48 سفينة وقاطرة وقطعة بحرية، وأُعيد افتتاحها في عام 1957. وكان الإغلاق الثامن، عقب حرب 5 يونيو 1967، وهو ما تسبب في توقف قناة السويس ومنع مرور السفن فيها لمدة 8 سنوات، بدأت من 5 يونيو 1967 وحتى 4 يونيو 1975، وهي الفترة التي تكبد العالم فيها خسائر فادحة بسبب إغلاقها، مما اضطر السفن إلى اللجوء إلى طريق رأس الرجاء الصالح والمرور حول إفريقيا. وفي 5 يونيو عام 1975، أعاد السادات افتتاح القناة للمرة الثانية، وأُعيدت الملاحة لقناة السويس، وبدأ السادات الحفل بكلمات قائلًا “إنني أتوجه إلى العالم كله، هذا هو شعب مصر وإرادته وقوته وصلابته، نفتتح اليوم الافتتاح الثاني لأحدث ما في العالم من تكنولوجيا وهي قناة السويس، بسم مصر أقول للعالم كله أننا نفتتح قناتنا شريانًا للرخاء والسلام والمحبة، بلا تفرقة أو عوائق” .

وبعد كل غلق شهدته القناة‍ تسترجع الدولة قوتها بشدة‍ لتعاد حركة الملاحة بكل قوة من جديد بعد حادثة السفينة الجانحة في القناة عبر إزالة جوانب القناة وتوسيع نطاق التجريف والحفر للوصول بها إلى عمق 18 مترًا، لتسهيل عملية الإنقاذ بسلام وتعويم السفينة بأيدي مصرية.

مفتاح الوجود الأبدي

مميّز

سوريا كانت وستبقى أرض الحضارات

مميّز

تقرير – نور هيثم سروجي – سوريا

فى سوريا: اكتشفت النحاس .. وابتكرت الصلصال وجعلت منه خزفاً وزخارف

المنسوجات الحريرية والموزاييك الخشبى المُطعم بالصدف والعاج .. أهم الصناعات

أبدعت (سوريا) في مجالات عدة من عمارة وفنون وعلوم، حيث أنها تقع على ملتقى طرق ثلاث قارات هي :(آسيا) و(أفريقيا) و(أوروبا)، وتأسست عليها ممالك، وجرت فوق أرضها حروب، وسكنت منذ مليون عام، وترك إنسان ما قبل التاريخ آثاره فيها التي تعود إلى نحو مئة ألف عام، واكتشف فيها (33) حضارة مختلفة و(5000) موقع أثري، ويعتبر علماء الآثار (سوريا) مركز لإحدى أقدم الحضارات على وجه الأرض، بها كانت بداية الاستيطان البشري، وتخطيط أولى المدن، واكتشاف الزراعة وتدجين الحيوانات، وقامت بها المدن الأولى في التاريخ مثل المملكة الأثرية (إيبلا) في شمال سورية بنت امبراطورية امتدت من البحر الأحمر جنوباً حتى تركيا شمالاً وحتى الفرات شرقاً مستمرة منذ عام 2500 إلى 2400 قبل الميلاد.

قامت على أرض (سوريا) حضارات كثيرة وسكنها شعوب شتى يمكن تعدادها على الترتيب الآتي : (السومريون، والأكاديون، والكلدان، والكنعانيون، والآراميون، والحيثيون، والبابليون، والفرس، والإغريق، والرومان، والنبطيون، والبيزنطيون، والعرب، وجزئيا الصليبيون، وأخيراً كانت تحت سيطرة الأتراك العثمانيون، كما أنها خضعت للانتداب الفرنسي بين عامي 1920 و 1946. بدأ التنقيب عن الآثار فيها ( 1860م) ، من قبل العالم الفرنسي (آرنست رينان) الذي بدأ بتدمر والساحل وآثارها منوعة تاريخية ودينية من وثنية ومسيحية وإسلامية.

ارتبطت سوريا مع بقية الدول العربية بالهجرات والتجارة والتزاوج، وكل الدول العربية تتكلم اللغة العربية الفصحى، وإن وجود (سوريا) على طرق دولية تربط القارات الثلاث ببعضها (آوروبا وآسيا وأفريقيا)، وكونها ممر تجاري بين الداخل والبحر، وبين الغرب والشرق، وكونها طريق الحج لثلاث ديانات سماوية هي: (الإسلام، والمسيحية، واليهودية). وكانت أول من بنى حضارة مكتملة في العالم بكل مؤسساتها الحكومية في النصف الثاني من الألف الرابع قبل الميلاد على يد العموريين. ومن أقدم التجارب العلمية والفنية في سوريا كانت مدرسة (ماري) للنحت، وفيها أقدم العقائد الروحية، والمذاهب الفكرية، والقصص المثولوجية، وأقدم الفلسفات، وأقدم الكنائس المسيحية (سمعان) (اللوزة) وكنائس المدن الميتة. ولغة المسيح تتكلمها أربعة قرى في العالم كلها موجودة في (سوريا) هي: (معلولا، وجبعدين، وبخعة، وقلدون) وتبعد نحو (65كم) شمال شرق (دمشق). وكان السوريون أول من استعمل النحاس الطري، وجمعوا بين النحاس والقصدير، واستخرجوا البرونز، وبدأت صناعة التعدين من أسلحة وأدوات زراعية وغيرها، ثم استعملوا الحديد منذ أواخر الألف الثانية قبل الميلاد. كما اخترعوا السفن والزجاج ووضعوا نظام الحساب واستخدموا العربات في قتالهم واخترعوا الدواليب ومهروا في صناعة النسيج وفي تطعيم الأثاث بالعاج والمعادن.

الغناء والموسيقى

اكتشفت في أوغاريت أول نوتة موسيقية مدونة على رقيم تعود الى القرن (14 ق. م)، قسم من الرقيم عليه كتابة، والآخر عليه أرقام وحروف. وبعد الدراسة تبين أن الكتابة هي أنشوده العبادة الإلهية، ولم يُعرف تفسير الأرقام والأحرف حتى اكتشف رقيم من نينوى وكان في المتحف البريطاني وفيه وصف لآلة كنارا وأوتارها وبالمقارنة بين الشرح ورقيم اوغاريت عرفت الأستاذه الأمريكية (آن كليمر) أن الأرقام تشير للأوتار، وبعد جهد أُعيد بناء النوتة، وهي أقدم بألف عام من أقدم قطعة موسيقية عرفها الغرب. عرف الغرب مقطوعة (اوريستيس) المسرحية الموسيقية التي ألفها (يوروبيدوس) أعظم شعراء الإغريق

في هذا الرقيم أساس علم الموسيقى الغربي الذي أقامه (فيثاغورث) عام (500 ق.م)، إذاً أنها تقوم على السلم السباعي (الدياتوني)، وفي هذه القطعة الموسيقية نشيد بين الآلهة جرى عزفها على قيثارة صُنعت خصيصاً لتكون مشابهة لقيثارة ذلك العهد وكان عالم بريطاني اكتشف القيثارة في مدينة (أور) وقام بعزفها الموسيقي (كرو كر) بعد أن استمر بالتعرف عليها والتمرن على عزفها لمدة عشر سنوات وكان ذلك أمام جمهور كبير بجامعة (بير كلي) استمعوا لأصول موسيقاهم التي اخترعتها (أوغاريت) قبل (4000) سنة .كما وجدت نقوش ونماذج لآلات موسيقية محلية منها (الطبلة الكبيرة) الناي المزدوج، والدف، والقيثارة، وغيرها.

وأقدم شكل لآلة (العود) الحالية وجد على لوحة جدارية في (قصر الحير الغربي) تعود الى القرن الثامن الميلادي. كما وجدت أقدم الابتهالات البيزنطية مع مسيقاها في (سوريا)، وفيها أقدم تمثال له علاقة بالغناء وهو تمثال (أورنينا) وجد في (ماري) ويعود إلى (4500 ق.م).

أورنينا المغنية والموسيقية والراقصة في معبد عشتار في مدينة ماري. يعتبر تمثال أورنينا المحفوظ في المتحف الوطني بدمشق من روائع فنون الشرق القديم، عثر عليه في معبد عشتار في مدينة ماري الأثرية، وهو من حجر الألباستر العاجي الجميل. وتبدو أورنينا بملامح وجهها المعبرة عن شعور إنساني وانفعال باطني، ولها حاجبان ظاهران ومتصلان لهما شكل قوسين جميلين فوق عينين كبيرتين شاردتين ومعبرتين أجمل تعبير عن جمال أنوثتها وفتنتها، يشع منها الذكاء والنباهة، ولأنفها شكل يشبه المثلث، وشفتان رقيقتان متصلتان ببعضهما تتجسد فيهما جمالية الصمت الناطق. ولها ذقن جميل، وخدان ممتلئان، وأذنان كبيرتان نسبياً ينساب شعرها الأسود المتموج الجميل من قمة رأسها خلفها إلى ظهرها حتى سوية خصرها، وهو أملس في أعلاه وأجعد في نهاياته وصدرها عار. وهي جالسة على وسادة مزخرفة مستديرة الشكل وعالية، يداها غير ثابتين، تبدو يسراها كأنها تمسك بآلتها الموسيقية، وتبدو يمناها مرتفعة قليلاً كأنها تعزف على هذه الآلة الموسيقية.. وتبدو أورنينا في تمثالها الجميل متدثرة بتنورة لها شكل سروال ينحسر عن ركبتيها، ويدل على أنه لباس راقصة إلى جانب كونها مغنية معبد عشتار وموسيقية فيه. ويبدو على ظهرها كتابة مسمارية تتضمن اسمها “أورنينا” وأنها قد نذرت تمثالها لمعبد عشتار، الذي عثر فيه هذا التمثال الفني الجميل الرائع. والجدير بالذكر أن عادة تقديم التمثال نذوراً إلى الأرباب تشبه عادة إشعال شمعة في كنيسة أو كاتدرائية. كان هذا التمثال الفني الجميل وما زال موضوع دراسات فنية وجمالية وتاريخية عديدة. فقد دل هذا التمثال الحجري الهام على وجود (ورشات نحت) في العاصمة الأمورية (ماري) حريصة على إبداع روائع نحتية متميزة.

الفخار

اكتُشف الفخار في موقع (ابو هريرة) في شمال سوريا، حيث بدأت الزراعة وصناعة السلال التي أدت إلى صناعة الفخار، لأن البيوت كانت تُصنع من القصب ثم تُغطى بالطين، وتعرف الإنسان على خصائص الصلصال فاستغنى عن القصب، وربما الصدفة هي التي عرفته على طريقة شوي الفخار ليصبح أكثر مقاومة. وكانت النساء يصنعن من الصلصال أواني للطبخ وجرار لحفظ الزيت والماء والمؤونة، وللفخار قيمة تاريخية، إذ أن الرسم والنقش عليه يعطينا فكرة عن الطقوس والملابس والعادات التي كان الشعب يتحلى بها، إضافة إلى الكتابة عليه مثل رقم (ماري) و(إيبلا) و(أوغاريت) وغيرها.

عندما فكر العلماء أن ينقبوا عن آثار الإنسان القديم في التلال الإصطناعية القديمة جمعوا فخار كل طبقة على حدة، ودرسوا خصائصه وقارنوا بين فخار الطبقات المتشابهة فوجدوا تقارباً أفادهم إلى حد بعيد في معرفة الحضارات المعاصرة، واستطاعوا أن يحددوا عمر طبقة الأرض من دراسة فخارها.

فخارية من تل حلف (5000 – 5400) ق. م

تمت تسميتها كذلك نسبة إلى موقع تل حلف الذي يقع على منابع الخابور إلى الجنوب من بلدة رأس العين، والذي عُثر فيه على بقايا فخارية ذات صناعة راقية، تعد من أفضل ما أُنتج في منطقة الشرق الأدنى خلال تلك الفترة.

هذا، وقد كانت للمنافسة بين الفخاريين، ومن ثم الإقبال الواسع على اقتناء الأواني الفخارية الحلفية المصنعة يدويا النحاس أو الكحل، ومن ثم شيها بالأفران المغلقة ذات الحرارة المرتفعة، وهذا ما يؤدي إلى تحول مساحيق الأكاسيد عن طبيعتها الغبارية غير المتماسكة، لتأخذ شكل الطبقة الزجاجية الخضراء، الرقيقة والشفافة، الحافز الأكبر الى دفع الصناع للعمل على تطوير تقانات إنتاجهم، من حيث اختيار التربة الأنسب للصناعة، وتحضيرها بدقة بعد إبعاد الشوائب والأجسام الغريبة، ومن ثم التصنيع الدقيق للآنية الحلفية التي تميزت برقتها ونعومة ملمسها، هذا إلى جانب رشاقة أجسامها، وانحاناءاتها وتحدباتها السطحية من شفة وبطن، وجعلها أكثر شبهاً بالآنية المعدنية، هذا الى جانب استخدام تقانة الشي في الأفران ذات الحرارة المرتفعة .

على الرغم من تأثر الفنانين الحلفيين بفنون الحقب السابقة، واقتباسهم للعديد من تشكيلاتها الزخرفية كالخطوط المستقيمة، والمتعرجة، والمنكسرة، والمعينات، والمثلثات، غير أنهم قد عمدوا إلى إبراز طابعهم الفني الخاص بهم، من خلال التشكيلات الزخرفية الجديدة التي تمثلت بالتشكيل الصدفي أو الفأس المزدوج ذي الحدين، هذا إلى جانب استخدام بعض التشكيلات الزخرفية الشبيهة بإشارة الصليب المالطي أو الصليب المعقوف، المنفذين باللون الأحمر والأسود، والتي لا ندري إن كان لهذا التشكيل دلالة دينية. هذا إلى جانب اعتماد بعض الموضوعات الزخرفية المقتبسة من البيئة المحيطة، والمتمثلة بالوريدات ذات الأربع بتلات، الطيور، والثعابين، والأسماك، هذا إلى جانب رسم الثور المقدس ذي التشكيلة المجردة من خلال تكوين الرأس على شكل قيثارة .من جانب آخر فقد تميزت آنية تل حلف بألوانها ورسومها السوداء، والحمراء، والبرتقالية، والبُنية الغامقة، ولكن غالباً ما كانت الآنية تلون بلونين معاً كالأحمر والأسود البراق، أو الأحمر والأبيض، هذا إلى جانب استخدام تقانة الطلي الزجاجي .

ومن الجدير بالذكر القول، أن الإقبال الشديد على الصناعات الفخارية، دفع الصناع إلى تصنيع الدمى الطينية ذات الأشكال النسائية، والمتميزة عن الفترات السابقة، من حيث الابتعاد عن تعرية الدمية الطينية الممثلة للربى الأم، رمز الخصوبة، المرتدية للثوب المخطط، الذي يستر الجسم .

الدولاب

لم يُعثر على دولاب بسبب تآكل الخشب مع الزمن، إلا أن الرسوم والنماذج الطينية فيما بعد دلت على أن الدولاب اخترع في (سورية). وعُرف الدولاب لديهم من العصر الحجري الحديث أي أكثر من خمسة ألاف عام قبل الميلاد ثم انتقل الى السومريين نحو (3500 ق. م)، وانتشر استعماله في كل الاتجاهات في شرق المتوسط، وأدخله (الهكسوس) إلى وادي النيل عام (1650ق.م)، وقد ظهر في الصين متأخراً عام (1400ق.م) وفي شمال أوروبا عام (1500 ق.م)، واختراع الدولاب كان له تأثير كبير في النقل والمواصلات التي أصبحت أسهل وأسرع .

الحياكة

أقدم الملابس كانت من جلود الحيوانات التي اصطادها الإنسان، وقد نُقشت رسوم لها وهو يرتديها على جدران الكهوف والمغارات مثل (مغارة أم قطفة) وكهوف (بئر السبع) وغيرها، وتعود إلى (35 ألف عام ق.م) ثم وجدت العالمة الأثرية (كاتلين كينون) تمثال لآلهة الخصب وهي ترتدي عباءة فضفاضة من نسيج معروف من منطقتنا منذ (7 آلاف عام ق.م)، وقد استخدم مغزل بدائي هو (مغزل التصليبة) الذي لا يزال يُستعمل في بعض المناطق، ثم تطور النول إلى شكل آخر يعتمد على تمرير الخيوط بالأصبع بين الخيوط الطولانية المثبتة على النول، ثم تطور إلى النول الأرضي البدائي (المنساج) ويعود إلى الألف السابعة قبل الميلاد.

الكتابة والأبجدية والمعاجم

اكتُشف عام (1996) حجرة في شمال سوريا عليها كتابة عمرها (11) ألف عام، والكتابه المسمارية في سوريا تزامنت مع كتابة بلاد الرافدين، وفي أوغاريت اخترعت الأبجدية المسمارية، وتعتبر أول أبجدية مكتوبة بترتيبها الأصلي المتبع حتى الآن، والكتابة اخترعت في منطقتنا نتيجة للثورة الزراعية التي حصلت مبكرة، ونتيجة للتطور العمراني والتجاري وبالتالي الاجتماعي والثقافي والعلمي، ولزيادة الحاجة للأرشفة فكانت الكتابة والتوثيق والأختام المسطحة والأسطوانية. وُجد أقدم قاموس للغتين في (إيبلا) كما وجدت معاجم في (أوغاريت) كتبها (رعبانو) عن الحيوانات والمقاييس والآلهة والأمراض وعلاجها وفقه اللغة ومعاجم للغة أوغاريت ومايقابلها من اللغات السومرية والبابلية، وتعتبر من أقدم المعاجم التي وجدت في سوريا.

اختراع الكتابة

تختلف اللغة المحكية عن الكتابة، لأن الأولى يتعلمها الإنسان من الجماعة لفظاً، أما الثانية فهي اختراع يتطور مع الزمن، ويلزمه تعلم بشكل جدي. وقد مرت الكتابة بمراحل عديدة، وتطورت حتى وصلت إلى ما هي عليه الآن. وقد لخص (الدكتور عدنان البني) وغيره من الأثريين مامعناه:

في الألف الثاني عشر قبل الميلاد، كان الإنسان يعيش في مساكن بسيطة بعد أن غادر الكهوف، وأخذ يأكل من ثمار الطبيعة، ومن صيد البحر والنهر. وفي الألف التاسع قبل الميلاد، صار يزرع الحبوب، ويدّجن المواشي، ويصنع الفخار. وبدأ التبادل التجاري، مما اضطر الإنسان لاختراع وسيلة يسجل بها تبادل السلع، وما يتعلق بالمعاملات التجارية من أجل ذلك اخترع علامات ورموز، اختلفت من منطقة إلى أخرى واستخدم في ذلك كُتلاً من الطين المجفف على شكل كرات، أو مكعبات، أو أقراص، أو مخاريط، أو معينات، أو أشكال بيضوية، وغير ذلك عثر على هذه الأشكال في أماكن عديدة من بلادنا .وبدأت بذلك الكتابة التصويرية التي ظهرت في (وادي النيل) و(بلاد الرافدين)، أولاً في بلاد (سومر) ثم انتقلت إلى بقية البلاد الأخرى، وكان ذلك في نهاية الألف الرابعة قبل الميلاد، وفي نفس الوقت كانت كتابة أخرى تظهر في الساحل الفينيقي.

ويمكن تقسيم مراحل الكتابة إلى :

1- كتابة تصويرية (هيروغليفية): أي رسم أو نقش الشيء المراد ذكره على لوح من الطين الطري ليجفف فيما بعد، وهذه الكتابة لا تعبر عن الأفكار والمعاني المجردة .وقد اكتُشفت كتابات تصويرية أولى في مدينة (الوركاء) أي (أوروك) في (بلاد الرافدين)، وكانت على رقم صغيرة تعرف بالبطاقات تعود إلى نحو (3200 أو 3100 ق.م).

2- الكتابة المسمارية :نفس الأشكال السابقة جعلت أفقية بدلاً عن العمودية، وقرئت من اليسار إلى اليمين، وكانت تحز أو تنقش على الطين بأداة ذات رأس كالمسمار فأصبحت أشكال الكتابة كالمسامير أو الأسافين، وأطلق الرافديون عليها (خربشة المسامير)، أي (تيكيف سانتاكي)، ودعيت بالعصر الحديث بالكتابة المسمارية، وقد اشتقت من كلمة (كوناليوس) باللغة الاتينية وهي مسامير تعود إلى نحو (700-2500ق. م) .

3- الكتابة المقطعية: مع الأيام أصبحت الأشكال والعلامات تختلف عن الأصل تدريجياً ولم تعد الصورة تعبر عن الشكل المرسوم بل أصبحت رمزاً مرة، ومقطعاً مرة أخرى، مثلاً إذا رأينا مقطع (هر) لا ندري إذا كان المقصود هو (القط) أو مقطع كلمة يبدأ بنفس الأحرف مثل (هروب) أو هذا المقطع جزء من اسم شخص ما، وصار الجزء من الصورة يعبر عن الكل مثلاً:

4- الأبجدية: ابتدعها الأوغاريتيون بالكتابة المسمارية، وفي (جبيل) بالكتابة الخطية، أي يوضع لكل صوت رمز، ومجموع هذه الرموز يدل على الكلمة المقصودة. وهذه الرموز هي الحروف الأبجدية، في البداية كانت الأحرف ساكنة ثم أضيفت لها الأحرف الصوتية، ولسهولة الحفظ أعطوا لكل حرف اسماً فينيقياً، وهذا الترتيب حافظ الجميع على وضعه منذ البداية حتى الآن في جميع دول العالم القديم والحديث، وقد انتقلت هذه الأبجدية مع الفينيقين البحارة والتجار إلى سائر بلدان العالم.

أهمية الأبجدية: كانت من أوائل المراحل الديمقراطية، وحققت المساواة بين الأفراد، إذ مكنت الجميع من التعلم والتثقف، وكان لها أهمية تعادل أهمية اختراع الطباعة بعد ثلاثة آلاف سنة لأنها نظام كتابي بسيط يستطيع الطفل تعلمه بسهولة، وبذلك كثر عدد المتعلمين وتدرّس اللغة الأوغاريتية في أربعين جامعة في أنحاء العالم حالياً، وقد ذكرها المؤرخ اليوناني (هيرودوت) في القرن (5 ق.م) وإن الفينيقيون نقلوا مع تجارتهم إلى اليونان كتابتهم المتطورة عن الأوغاريتية.

أبجدية أوغاريتتعتبر أقدم (أبجدية) في العالم، وتعود إلى القرن (14 ق.م) في عام (1929) عثر على أول رقيم آجري كتب بالمسمارية بلغة غير معروفة في (أوغاريت) وتوالى العثور على الرقم وخلال حفريات عامي (1948 و 1949) وفي قاعة أمانة السر بالقصر الملكي عثر على رقيم صغير من الآجر، نقشت عليه تلك الأبجدية، لتكون نموذجاً للكتبة المبتدئين وتتألف من 30 حرفاً مسمارياً، تطورت الأوغاريتية من الكتابة التصويرية والمقطعية حتى توصلت إلى الأبجدية، وكانت من (29) حرفاً مسمارياً وعدلت إلى 22 حرفاً يفصل بين الكلمات حرف مسماري عمودي وكانت تكتب من اليمين إلى اليسار من الآراميون حينما التجأوا إليهم هرباً من هجمات شعوب البحر.

أبجدية جبيلبعد قرن من أبجدية أوغاريت، أي في القرن الثالث عشر قبل الميلاد استطاعت (جبيل) الفينيقية أن تبتدع الأبجدية الخطية البدائية بدلاً من المسمارية، وصارت هذه الأبجدية تتطور مع الأيام ووجدت أقدم كتابة لهذه الأبجدية على قبر الملك (أحيرام بيبلوس) (متحف بيروت الوطني)، ومضمونها يهدد اللصوص بالمصائب التي تنتظرهم إن اقتربوا من القبر واستعمل كتبة (جبيل) رموزاً لكل الصور واستغنوا عن الكتابة الهيروغليفية والمقطعية واتبعوا نفس الترتيب الهجائي ولكن حروفهم كانت (22) وكلها ساكنة، وسافرت هذه الأبجدية مع التجار والتجارة نحو (800 ق.م) واستخدم الحبر وورق البردي فأخذت الكتابة شكلاً خطياً وليس مسمارياً وكل حرف من حروفها صار له اسماً مثلاً:

حرف الألف =ألفا= رأس ثور، حرف الباء=بيتا، يعني بيت، حرف الجيم=جاما يعني جمل، حرف الدال=دلتا، يعني باب الخيمة أو شكل المثلث. وتطورت أبجدية جبيل وصنفت إلى قديمة من القرن (9ق.م – 12 ق.م) ووسطية من (9 ق.م-6 ق.م) ومنها تطورت (البونيتية) في مملكة ومستعمرة قرطاج والحديثة التي تعود إلى القرن (5ق. م و 1م). كما أن الآراميون استخدموا أبجدية (جبيل) في كتابة لهجتهم التي عمت العالم القديم ونقل الفينيقي (قدموس) هذه الأبجدية إلى اليونان واستخدموها اليونانيون في كتابة لغتهم بعد أن قاموا بإدخال الحروف الصوتية عليها، ومن اليونان انتقلت الأبجدية بنفس نظام ترتيبها إلى أوروبا القديمة وصارت قاعدة لكل الأبجديات العالمية عدا (الصينية).

فن الموزاييك

هو فن وحرفة صناعة المكعبات الصغيرة واستعمالها في زخرفة وتزيين الفراغات الأرضية والجدارية عن طريق رصف ولصق عدداً من المكعبات وفقاً لرسم أو صورة محددة فوق مساحة مخصصة ومهيئة مسبقاً بحيث تركب المكعبات وتثبت فوقها بإضافة طبقة رقيقة من الملاط وتستخدم مواد متنوعة من الزجاج والصدف والمعادن والذهب والفضة والسيراميك والفخار وغيرها لإنتاج لوحات فنية ذات مواضيع مختلفة تحتوي أشكالاً هندسية أو نباتية أو تصاوير آدمية أو حيوانية.

تحتوي سوريا على العديد من اللوحات الفسيفسائية المميزة على مستوى العالم بحجمها ومواضيعها والمحفوظة في المتاحف والقلاع والكنائس والبيوت والمساجد والمباني الأثرية في مناطق (شهبا، وأفاميا، وتدمر، والقنوات، ومعرة النعمان، وبصرى وغيرها)، وتعود لفترات زمنية عدة، إلا أن أقدم العمائر التي لا تزال باقية ترجع إلى العصر الأموي.

وتعد فسيفساء الجامع الأموي بدمشق واحدة من أشهر لوحات (الفسيفساء الإسلامية) في المنشآت الأموية الأولى التي أُنشئت في بداية القرن الثامن الميلادي، وترجع إلى عهد (الوليد بن عبد الملك)، والذي ساعد على بقائها أنها كانت مخفية تحت طبقة من الكلس. وحيث استخدم في تنفيذها مكعبات زجاجية مقاومة للمطر والغبار والحرارة، وهذه المكعبات مكونة من وريقات معدنية رقيقة من الذهب والفضة، استخدمت الذهبية منها في تنفيذ الخلفيات، في حين صورت المكعبات الفضية المياه بطريقة واقعية من خلال مزجها بمكعبات بيضاء وزرقاء وأخرى باللون الأزرق الفيروزي، كما استخدمت في بعض الأماكن صفيحات من عرق اللؤلؤ، فساعدت بفضل شكلها الذي يشبه قطرة ماء على تصوير المصابيح المتدلية بين عقود المباني.

توصف الفسيفساء في الجامع الأموي بالواقعية حيث ركزت على نقل الواقع من مناظر طبيعية وعمائر إلى اللوحات فامتازت عن جميع الأعمال التصويرية الجدارية الأخرى بموضوعاتها وأسلوبها الفني، فهي تمثل مجموعة من الكتل والعناصر المعمارية من (قصور، ومنشآت، وجمالونات، وأعمدة، وجسور، وأبراج، وأروقة محاطة بالأشجار). وتحاشى الفنانون فيها وجود الأشخاص أو الحيوانات (التصويو التشبيهي) تقيدّاً واحتراماً لوظيفة المكان الأساسية المتمثلة بالعبادة، وقد شغلت الفسيفساء مساحة كبيرة في الجامع وغطت معظم أجزاء الأروقة المطلة على صحن الجامع، وغطت بطون العقود وواجهاتها، ودهيلز الباب الغربي، وواجهة الحرم المركزية وفي قبة الخزنة (بيت المال) في صحن المسجد، وأهم ما بقي منها مصورة بردى الموجودة في الجدار الداخلي للرواق الغربي. لعبت سوريا دوراً أساسياً في التاريخ وتطور الحضارة الإنسانية، فكانت معبراً عظيماً للتجارة بين البحر الأبيض المتوسط والشرق، وصدرت الأبجدية إلى الغرب ومنها انطلقت الأديان ابتداءً من عبادة الآلهة إلى الديانات التوحيدية.

إن سوريا مركزاً للعديد من أقدم الحضارات على الأرض، وموطن الحضارة. فقد تقاطعت على امتداد الأرض السورية الحضارات الهامة في التاريخ والتي قدمت الكثير للحضارة الإنسانية منذ آلاف السنين مختلف الحضارات الشرقية التي قامت في المنطقة: الأموريون، والأراميون، والأكاديون، والبابليون، والبيزنطيون، والرومان، واليونانيون. وتعتبر سوريا من أقدم مناطق البشرية والاستيطان البشري وبناء المدن وقيام الحضارات وأول موطن للزراعة وتدجين الحيوانات. واكتُشفت في سوريا أهم الاختراعات ومنها (الغناء، والموسيقى، والحياكة، والدولاب، والفخار، والموزاييك، والكتابة وغيرها..)، وأسواقها مليئة بالصناعات اليدوية التقليدية: (الحفر على الخشب، وتطعيم العاج والفضة والمعادن، والتنزيل بالذهب والفضة الصناعات الزجاجية والمعدنية والنحاسية والجلدية والخزف والسجاد، وصياغة الحلي الذهبية والفضية والصناعات النسيجية)، سوريا كانت وستبقى أرض الحضارة.

السلسلة التربوية: العصبية عند الطفل .. أسبابها وطرق علاجها

مميّز

بقلم/ أحمد فيظ الله عثمان

مدير عام إدارة المعادى التعليمية سابقا‏

سبق أن تناولنا من السلسلة التربوية: الطفل الثرثار، والطفل العنيد، والطفل الخجول، والطفل العدوانى، وهذه النماذج نشاهدها فى حياتنا اليومية. ونركز فى هذا المقال على نموذج آخر يتميز بالعدوانية والعنف، وهو ما نسميه “عصبية الطفل”، والذى يتطلب التدخل من جانب الأسرة لعلاجه حتى لا يتفاقم الوضع قبل فوات الأوان، فالأسرة لها دور كبير فى هذا المجال، وكذلك المدرسة فى حال ظهور هذه الحالة بها .وهذا ما سنوضحه فى هذا المقال، الذى نشير فيه إلى أعراض العصبية، وأسبابها، وطرق علاجها :

أعراض العصبية:

*يصاب الطفل بالغضب من أتفه الأمور.

* يلجأ إلى الصراخ عندما يطلب شيئا .

*يقوم بتكسير ما يتناوله ويُعنف ما حوله.

* يسعى إلى جلب المشاكل مع زملائه، وقد يلجأ إلى ضربهم وعنادهم.

* يقرض أظافره، ويمص أصابعه، وشارد الذهن دائماً.

أسباب العصبية:

العصبية عند الأطفال تنقسم إلى: نفسية، ومرضية، وتربوية .

أولاً- الأسباب النفسية :

يرى علماء علم النفس أن الأسباب النفسية تتمثل فى الآتى :

  • فقدان الطفل الدفء والحنان الأسري، والقسوة الزائدة، أو التدليل وعدم إشعاره برضا من حوله.
  • شعور الطفل بعدم قدرته على مسايرة الآخرين نتيجة ضعفه العقلى سواء فى التحصيل الدراسى أو اللعب وهذا ما يجعله فى ضيق شديد ينعكس على عصبيته .
  • فى حالة تمتع الطفل بالذكاء يشعر بأنه مختلف فى التفكير عن غيره ويشعر بالملل، وأحيانا لا يستجيب المدرس له من كثرة أسئلته، وزملاؤه يسخرون منه، ومن هنا تظهر عليه الأعراض.

ثانيا- الأسباب المرضية :

* نقص الحديد وفيتامين “د” خلال الشهور الأولى من الولادة .

*  قد تظهر على الطفل التهابات أثناء التبول، وفى اللوز، والجيوب الأنفية، واضطرابات فى الغدة الدرقية، وازدياد إفرازها عن الحد الطبيعى فى بعض الحالات، مما يزيد من عصبيته .

*  وجود صعوبة فى النطق أو عدم مقدرته على إيصال المعلومة للآخرين، مما يجعله يواجههم بالعصبية.

ثالثا- الأسباب التربوية:

تتعلق بأسرة الطفل، وهى كثيرة ومتنوعة، تتمثل فى الآتى :

1- فقدان الطفل للحنان، وأيضاً  التفرقة بين الأخوة داخل الأسرة.

2- القسوة الزائدة سواء بالضرب أو الصراخ من جانب الوالدين تجاه الطفل.

3-كثرة المشاكل والخلافات بين الوالدين والتلفظ بينهما بألفاظ غير لائقة أمام الطفل.

4-عدم إعطاء الطفل فرصة للحوار وسماع رأيه مع عدم احترام وجهة نظره .

5- عدم مراقبة الأسرة للطفل عند مشاهدته الأفلام التى بها عنف مما يجعله يقلدهم .

طرق علاج الطفل العصبى:

للأسرة دور مهم فى علاج الطفل العصبى، وهى كما يلى:

*  إذا كانت الأسباب مرضية، فلابد من عرضه على الطبيب المختص .

*  الهدوء والاستقرار فى الأسرة من أهم العوامل التى تساعد على علاج الطفل .

*  توفير الألعاب المناسبة لسنه، والتى تجعله يفكر ويزيد من مهاراته كالصلصال والمكعبات وغيرها .

*  توفير ساعات نوم هادئة للطفل لما يزيد على ثمانى ساعات يومياً .

* جعل الطفل يشعر بالحب لمن حوله، وهذا يعتمد على دور الأسرة والمدرسة .

* عند معاقبته لابد من تعريفه بالسبب، وعدم الكلام معه عند بكائه أو صراخه، فعندما نجاريه فى عصبيته تصبح عندئذ الوسيلة ليحصل على ما يريد.

* تشجيعه على الاشتراك فى الرحلات المدرسية وممارسة الأنشطة المختلفة المناسبة، فذلك يساعده على الابتعاد عن العصبية مع اختيار أفضل الأصدقائه.

*  معاملة الطفل العصبى تتطلب من الأسرة التوسط فلا إهمال، ولا قسوة ، ولا تدليل .

وهكذا، فإن للأسرة والمدرسة دوراً مهماً فى علاج الطفل العصبى فهو يمثل أمانة فى عنقهم ورعايته واجبة عليهم.

خير ما قرأت من الزمن الجميل .. “فى وقت الفراغ”

مميّز

 

بقلم/ أحمد فيظ الله عثمان

مدير عام ادارة المعادى التعليمية سابقا‏ 

كتب الأديب الصحفى الكبير محمد زكى عبد القادر رحمه الله فى عموده اليومى المنشور بجريدة الأهرام فى 4 مايو عام 1940 وكنا ننتظر مقالاته لنستفيد منها، جاء هذا المقال بعنوان “فى وقت الفراغ” ولازلت محتفظا به، ورأيت أن أنشره كلمحة وفاء فى زمن قل فيه الوفاء. وقد انتقل الكاتب الكبير إلى رحمة الله فى 7 مارس عام 1982 .

نحو النور

فى وقت الفراغ

أرسلت كريمات الأستاذ الشيخ محمود أبو العيون 29 فستاناً إلى جريدة الأهرام تبرعاً منهن للبنات المهاجرات، وقد صنعن هذه الفساتين فى وقت الفراغ. ففى صبر وتحمل وتضحية بسيطة أمكن أن يقدمن إلى المهاجرات هدية صغيرة، ولكنها جميلة، وعند كثيرات من البنات المصريات وقت فراغ طويل، وبعضهن غنيات، فلا يشتركن حتى فى أعمال البيت الصغيرة، فيتضاعف عندهن وقت الفراغ، وهذا الفراغ شر إذا ترك من غير استغلال وانتفاع، لأنه يقتل ملكات النفس الطيبة، ويترك المجال للانحرافات السيئة، وقد أعطى بعض الفتيات المصريات، من أرقى الأسر وأغناها، المثل على أن روحهن لا تزال مملوءة بالخير، فتطوعن للعمل فى الهلال الأحمر، ووقفت كثيرات منهن فى محطة القاهرة، يستقبلهن المهاجرات، ويمسحن بأيديهن الرحيمة المحنة التى نزلت بهن، وكنا جميعا فخورين بهذا العمل، كنا نشعر أن الفتاة المصرية الغنية أخذت تخرج عن حياة الكسل والترف بين أيدى الخادمات والدادات والمربيات إلى ميدان الخير العام، والتضحية من أجل الغير الذين ساءت حظوظهم .

ووقت الفراغ هو الثروة الحقيقية التى نكسبها من الحياة، والرجل الذي يشتغل طول النهار يطمع فى الحصول على ساعات قليلة، يفرغ فيها إلى نفسه وصحته وعقله، يفرغ إلى إراحة جسمه وترقيته بالرياضة والنزهة، وإلى تثقيف عقله بالقراءة، وهذه هى متع الحياة الحقيقية عند من يفهمون الحياة. فالذى تعطيه الظروف وقت فراغ طويل، ولا أقصد التعطل بطبيعة الحال أفضل حظا من غيره وهو قادر، إذا عرف كيف يستغل هذا الفراغ، أن يشعر بالحياة شعورا عميقا، وفى الحياة أشياء كثيرة جميلة وسعيدة، كلها نعيم وهناء للنفس والعقل والجسم ولكن ما أشقى الذي يكثر عنده الفراغ ولا يعرف كيف يتصرف فيه بغير الجلوس على القهوة ولعب الورق والخوض فى سير الناس، ما أشقى الذى لا يرى فى الفراغ إلا فرصة للعبث الرخيص، والانسياق مع الغرائز المنحطة، ثم يسمى هذا حياة واستمتاعا بالحياة .

وما أسوأ وقت الفراغ لفتاة لا تعرف كيف تنتفع به، وكيف تستغله فى ترقية ذهنها وتثقيف عقلها وخدمة جسمها والعناية به، ولا تعرف كيف تقرأ ولا ماذا تقرأ، فتندفع إلى الروايات والقصص الرخيصة السخيفة، ولا تعرف كيف تجعل بعض هذا الوقت لهواية نافعة كالرسم أو الموسيقى أو زراعة الحدائق، وتجعل بعضه للمحتاجين من الناس، تنسج لهم رداءا أو تزور مريضة أو تتطوع لخدمة عامة، فتنقذ نفسها من السأم والملل والعبث، وتنفتح أمامها آفاق سعيدة فى الحياة.

إن الفتيات فى مصر لا يعملن فى الغالب، وغير المتزوجات منهن يجدن فراغا طويلا، ونحن ننتظر منهن أن يحولن هذا الفراغ إلى ثروة للوطن، وهذه الثروة تأتيه إذا عنيت الفتاة بتثقيف ذهنها وعقلها، كما تأتيه إذا تطوعت لأداء خدمة عامة، وقد دلت حوادث الهجرة الأخيرة على أنها مستعدة أن تفعل ذلك، وقد استحقت من أجله شكراً وفخراً .

محمد زكى عبد القادر

العدوانية عند الأطفال: أسبابها وطرق علاجها

مميّز

بقلم/ أحمد فيظ الله عثمان

مدير عام إدارة المعادى التعليمية سابقاً

نشهد هذه الأيام سلوكيات يرفضها مجتمعنا منها البلطجة، والعدوانية، والتحرش، والمشاجرات إلى غير ذلك من السلوكيات التى يرفضها مجتمعنا. ويمكننا القول أن الأسرة هي المسئولة الأولى، حيث لم تهتم بالطفل الذى يظهر عليه السلوك العدوانى منذ صغره فلم تشبع رغباته وتظل مكبوتة على ساحة الشعور، وتظهر على شكل العدوان وتتطور هذه المشاعر تدريجيا خلال مراحل نموه، ونظرا لعدم العلاج فى حينه، فقد يظهر هذا السلوك عندما يصبح رشيدا. ولذا يجب على الوالدين عدم التغافل عن هذا الأمر ومحاولة استشارة المختص للعلاج.

وفي المقال التالي نتناول مظاهر العدوانية لدى الطفل وأسبابه وطرق علاجه:

مظاهر السلوك العدوانى لدى الطفل :

يمكن تقسيم العدوان إلى عدة مظاهر أساسية منها:

1- العدوان الجسدي: من مظاهره استخدام القوة الجسدية بأشكالها تجاه الآخرين بهدف الأذى.

2- العدوان اللفظى: من صوره التراشق بالألفاظ البذيئة، والسب، والسخرية، وكتابة الألفاظ السيئة على الجدران مع رسومات فيها انحطاط وتدهور أخلاقى .

3- العدوان على الممتلكات: ومن صوره تحطيم وتخريب ممتلكات الغير للانتقام، وتمزيق الملابس والكتب، وكسر الأشياء الثمينة ورميها، إلى غير ذلك.

أسباب السلوك العدوانى عند الطفل:

كشفت أحدث الدراسات أن من أهم العوامل والأسباب المؤدية إلى السلوك العدوانى هي الوراثة. ومن أسبابها النواحي الاجتماعية، وتتمثل فى الآتى:

– طريقة تعامل الأسرة مع طفلها ونخص بالذكر الأسلوب المتشدد والقسوة الزائدة من الوالدين أو أحدهما مما ينتج عنه رغبة الطفل فى الانتقام.

– قد ينشأ الطفل وسط أسرة عدوانية ويكتسب منها هذا السلوك ككثرة الشجارات.

– عدم إعطاء الطفل الحرية فى التعبير عن آرائه وحاجاته المختلفة .

– تسلط الآباء والمدرسين بحرمان الأطفال من حريتهم فيؤدى إلى أن يشبوا عدوانيين .

–  الشعور بالذنب أو الضعف فى الدراسة مع وجود من يعيَرهم من الزملاء .

* الأسباب النفسية: شعور الطفل بالنقص ويحاول تغطيته عن طريق السلوك العدواني، وتتلخص العوامل النفسية فى الآتى:

– الشعور بالإحباط والتوتر والضغط المستمر وعدم الشعور بالراحة والأمان والاستقرار .

-سوء التوافق النفسى الداخلى لدى الطفل، فيلجأ إلى الانتقام أو كسر ما يقع تحت يديه بأسلوب لا شعورى فيشعره باللذة والنشوة لانتقامه ممن حوله .

طرق علاج العدوانية عند الطفل :

تلعب الأسرة دوراً كبيراً فى علاج الطفل العدوانى ويتمثل ذلك فى الآتى:

1- عرض الطفل على طبيب متخصص لعلاجه من الاضطربات _إذا وجدت _ خاصة اضطربات الغدة الدرقية .

2- عدم مقارنة الطفل بغيره وعدم معايرته بذنب أرتكبه أو خطأ وقع فيه أو تأخر دراسى.

3- إمداد الطفل بألعاب الفك والتركيب كالمكعبات والميكانو والصلصال .

4- إشعار الطفل بذاته وتقديره وإكسابه الثقة فى نفسه وإتاحة الفرصة له لإبداء الرأى.

5- العمل على إحداث تغييىر فى البيئة التى يعيش فيها عن طريق ابتعاد المثيرات الخاصة بالسلوك العدوانى لدى الطفل.

6- تنمية الأفكار الجيدة لدى الطفل بالقضاء على الأفكار الغير المرغوبة المرتبطة  بالسلوك العدوانى وذلك بتنمية قيم التسامح والعفو لديه عندما يتعرض لسلوك عدوانى من الغير، والإكثار من الحديث عن الحب والتعاون وفضل الصداقة بسرد قصص دينية عن سيرة الرسول عليه الصلاة والسلام وعن الصالحين.

7- تحبيب الطفل بمشاهدة البرامج الدينية التى تتناول القيم والأخلاق الكريمة التى يجب أن يتحلى بها مع دور الأسرة فى التوجيه والمتابعة والمراقبة .

8- توفير الجو العائلى الهادىء وعدم مقابلة غضب الطفل بالغضب والابتعاد عن  القسوة وإحلال المرونة محلها.

9- إلحاق الطفل بالنادى الرياضى لممارسة أنواع الأنشطة الرياضىية المختلفة التى تتفق مع عمره، مما تساعده على تنمية سلوكيات طيبة لديه كالتعاون، والمنافسة الشريفة، والابتعاد عن الأثرة والأنانية. كل ذلك يساعد الطفل على تنمية المهارات  الاجتماعية الطيبة، وتبعده عن السلوك العدوانى الذى يرفضه مجتمعنا والذى انتشر بين الناس، خاصة بين شبابنا بصوره المتعددة فى االمدرسة أو فى الشارع أو فى  تجمعات المناسبات لمختلفة .

 

جدران المعابد تحكى تفاصيل الحياة للمصرى القديم منذ فجر التاريخ

مميّز

 

 

بقلم/ ملك عبد الله سمرة – باحثة أثرية

اعتاد المصري القديم منذ فجر التاريخ على تسجيل تفاصيل حياته اليومية على جدران المعابد والمقابر، وقد عُثر على نقوشات تكشف ريادهواهتمام المصريين القدماء بالموضة، والأزياء، ومستحضرات التجميل. ويُعد التزين من الخصال النابعة من داخل الإنسان بمرور الزمن، وتُعد الأزياء والموضة من أقدم الاهتمامات التي مارسها وبرع فيها القدماء المصريين.

صناعة الأزياء والأحذية

 يعتبر الكتان هو القماش الأكثر شيوعاً في مصر القديمة،بالرغم من معرفة المصريون أنواعاً أخرى من الأقمشة،إلا أنهم فضّلوا استخدام الملابس الكتانية،وهي منتجات مصنوعة من نبات الكتان شغلتها المرأه المصرية، حيث كانت تجمع الكتان وتتركه في الشمس حتي يجف ثم تنظفه وتمشطه وتستخرج الألياف الطويلة منه لإعداد الخيوط، ويستخدموهبالأخص نظراً لوفرته بسبب المناخ الجيد ولوجود مصدر قوي للمياه من نهر النيل.

كان السبب وراء الانتشار الواسع للكتان في مصر القديمة أنه يُستخرج من النبات، وكان خفيف وقوي ومرن وملائم للمناخ. ولاعتقاد المصريون القدماء أن الأقمشة التي مصدرها حيواني غير طاهرة مثل الصوف، ويمكن التمييز بين طبقات المجتمع بناءً على جودة المواد المستخدمة في الملابس، حيث تستخدم الطبقة العليا كتان جيد بخلاف الطبقة الدنيا، وظهر ذلك في التماثيل واللوحات الشفافة الخفيفة. واستخدموا أيضاً أقمشة، وتصاميم، وأشكال أكثر تعقيداً احتوت على أقمشة مصبوغة،ومن ثم، عرف المصري القديم فن «السيرما أو التقصيب»، وهو التطريز بخيوط من الذهب والفضة علي النسيج، واستطاعوا ايضاً التفنن في ألوان الملابس، حيث كان يتم صبغها باللون الأزرق من نبات النيلة، وكان الرجال يرتدون النقبة القصيرة، أما الجزء العلوي فيكون عاري، وكانت النقبهيرتديها الملوك أولاً، وابتداءً من الأسرة الأولى حتى الرابعة ارتداها كبار رجال الدولة والنبلاء، ثم أصبح يرتديها الكتبة والخدم والفلاحين بمرور الزمن.

كانت النقبة قصيرة من الأمام، وتغطي الساق من الخلف، وأحياناً تلف حول الخصر أكثر من مرة.أما بالنسبه للنساء فكانت تلبس ثوباً طويلا وشفاف. ثم تطورت ملابس المرأةإلى ارتداء فستان ذي حمالتين لونه أبيض فوقه شال، وكانت الألوان المستخدمة في الأزياء هي التي تُفرق بين الطبقات، فكان الخدم يرتدون ملابس ملونة،بينما الطبقة العامة من الناس يرتدون لوناً موحداً، بينما تميزت طبقة الأغنياء بارتداء ملابس بيضاء مطرزة من الخرز أو الجلد المطرز. ومع ظهور الدولة الحديثة، ظهرت الملابس الطويلة ذات الأكمام القصيرة، مزخرفة بالزهور المستوحاة من البيئة، إضافة للرداء الريشي ذو الثنيات المُصممة للوضع على الكتفين أو كتف واحد للرجال والسيدات.

 وتشابهت صناعة الأحذية لكل من الجنسين حيث ضفِّرت الصنادل بـ “أدوات الزينة”، وكان الكُحل لونه أسود، ويتم تظليل الجفنين وتكحل وتلون ما تحت الجفن بالكحل الأخضر المصنوع من الملاخايت (من خامات النحاس)، والكُحل يُصنع من خامات الرصاص. أما أحمر الشفاه فكان يطلي الشفاه بفرشاةومادته نباتية على صبغة حمراء، وكانت هناك طرق للمحافظة على الوجه والبشرة عن طريق التبخير بخشب البخور وراتنج شجر البطم والدهون المخلوطة بالعسل والنطرون الأحمر والملح.

وكانت هناك وصفات لإزالة البثور والنمش، ووصفات للعناية بالجلد في البرديات الطبية مثل بردية هيرست، وبردية أدوين سميث، وتستخدم عجينة من الحلبة مطبوخة، ومجففة، ومطحونة جيداً.

حلي الرأس: تشمل الأكاليل والشرائط والباروكات ودبابيس الشعر والأطواق والخرز وغيرها.

حلي الأذن: كان الملوك (منذ تحتمس الرابع) يلبسون حلي الأذن، والنساء يلبسن الأقراط وغيرها في الأذن.

حلي الرقبة: كالقلائد الرقيقة والكبيرة والطويلة والقصيرة، والتي كانت تُزين بالأحجار الكريمة وتأخذ أشكالاً مختلفة من أشكال النباتات والحيوانات والآلهة وغيرها.

 الصدريات: وهي حلي الصدر المربعة أو المستطيلة أو المثلثة، وتعلق بواسطة خيوط عادية أو من الخرز.

حلي الأذرع والمعاصم: كالأساور المختلفة الأشكال.

حلي الأصابع: كالخواتم المختلفة والدوائر الحلقية.

حلي السيقان والأرجل: كالخلاخيل التي وجدت مبكراً في مصر القديمة.

حلي الثياب: وهي أنواع من الحلي التي كانت تزين بها الثياب أو تربط كالدبابيس والمشابك والأحزمة وغيرها.

التمائم: وهي الحلي المصنوعة لغرض ديني لدفع الأذى وللجمال الذي تمتاز به وأنواعها: ويجا: أي الشفاء، ومكت خعو: أي حامية الجسد، ونخنو: أي الحارسة، وشسا: أي الحامية، وشن: أي الخاتم المضاد للسحر.