بين الفيزياء والخداع البصرى د.وسام النواوي ترسم جدلية الإتساع والإنكماش في المعرض الفني التشكيلى Elasticity
عمرو الكاشف
ففي معرضها Elasticity، استطاعت الفنانة الدكتوره وسام حمدى النواوى أن تفتح أفقًا بين الفيزياء والفن التشكيلي، حيث تحوّل نموذج الإرتداد الكبير من معادلة علمية إلى تجربة بصرية نابضة، فالمعرض لم يكن مجرد استعراض للوحات، بل كان رحلة فكرية وجمالية تجعل الزائر يعيش بين لحظات تمدد الكون وانكماشه، في حركة دائمة تحاكي نبض الحياة نفسها.
اعتمدت د.وسام النواوي على الخداع البصري كأداة أساسية، لكنها لم تقدمه بشكله التقليدي، بل أعادت صياغته عبر الشبكات الهندسية والعلاقات الخطية، في رؤية تصميمية معاصرة تضع المشاهد في قلب التجربة، فقد تحركت فيه الخطوط وتشابكت الأشكال في توازن دقيق بين الإمتداد والإنكماش، ليصبح الإدراك البصري نفسه جزءًا من العمل الفني، وكأن العيون تتحول إلى مرايا تكمل المشهد.
اختارت أسم Elasticity لتؤكد جوهر الفكرة: مرونة الكون، وقدرته على الاتساع والانكماش في جدلية لا تنتهي.
وهنا، لا يتوقف الفن لديها عند حدود اللوحة، بل يفتح بابًا فلسفيًا واسعًا: كيف يمكن للفكر العلمي أن يتحول إلى صياغات تصميمية، وكيف يمكن للخداع البصري أن يصبح جسرًا بين النموذج الكونى والجمال الفني.
فعالجت الفنانة التشكيلية د.وسام النواوى فكرتي الإتساع والإنكماش برؤية لونية دقيقة، فجاء الأزرق بامتداداته ليحاكي فضاء السماء واتساعها، بينما حمل الأخضر دلالة الأرض وعمقها، وتداخل البرتقالي بدرجاته ليؤكدا جدلية اللحظة بين الانفراج والانغلاق، وكأن الألوان نفسها تُعيد صياغة المشهد الكوني.
فلم تعد التدرجات مجرد زينة تشكيلية، بل نبضًا يعيد للعين تجربة السفر بين فضاءات تتسع بلا حدود وأعماق تنكمش حتى نقطة العدم، فكان للانتقال اللوني لديها بمثابة إشارة إلى بداية جديدة أو نهاية محتملة، لتتحول اللوحات إلى فضاءات نابضة بالحركة، وكأنها تترجم لحظة الانفجار أو الانكماش الكوني بلغة الشعر البصري.
كما جسدت من خلال العلاقات الخطية الإيقاع البصري لهذه الجدلية، ففي لحظات الاتساع اندفعت الخطوط بقوة متسارعة نحو الخارج، في حركات تتضاعف وتتشابك لتخلق ديناميكية مفتوحة بلا نهاية، وعلى العكس في لحظات الإنكماش، فقد انكمشت الخطوط إلى الداخل، لتلتقي في بؤر متقاربة، مشكّلة إيقاعًا ضاغطًا يعكس حالة الانطواء الكوني.
هكذا حولت الفنانة التشكيلية د.وسام النواوى، معرضها الفنى من مجرد لوحات، إلى بيانًا بصريًا عن قدرة الفن على احتضان أكثر الأفكار العلمية تعقيدًا، وتحويلها إلى تجربة حسية مذهلة تتأرجح بين العقل والخيال، بين العلم والشعر، وبين الإدراك والدهشة.