الإعلام سلاح الوعي في مواجهة البلطجة
بقلم: هشام عشماوي
لم يعد الإعلام مجرد وسيلة لنقل الأخبار أو الترفيه، بل أصبح أداة استراتيجية لتشكيل الوعي الجمعي، وبناء ثقافة مجتمعية قادرة على مقاومة الظواهر السلبية. وفي مقدمة هذه الظواهر تأتي ثقافة البلطجة، التي لا تهدد الأفراد فقط، بل تضرب استقرار المجتمع وتضعف قيمه الأخلاقية والقانونية.
الإعلام هنا ليس مجرد متفرج، بل فاعل رئيسي في الحرب ضد هذه الظاهرة، عبر كشف مخاطرها، وتعزيز دور القانون، وترسيخ قيم الاحترام والتعايش.

البلطجة ظاهرة تتجاوز حدود الشارع
البلطجة لم تعد مقصورة على الشوارع أو النزاعات الفردية، بل امتدت إلى مجالات متعددة مثل الرياضة، الأعمال، وحتى مواقع التواصل الاجتماعي. وأصبحت أداة ضغط غير شرعي لفرض الرأي أو الحصول على مكاسب. هذه الممارسات تؤثر مباشرة على الإحساس بالأمان المجتمعي، وتفتح الباب أمام العنف والتطرف.
الإعلام كجبهة دفاع
يلعب الإعلام دورًا محوريًا في محاربة هذه الظاهرة من خلال:
التوعية بخطورة البلطجة على الفرد والمجتمع، عبر البرامج الحوارية والتحقيقات الصحفية.
إبراز النماذج الإيجابية التي تؤكد قوة القانون وسيادة العدالة، وتُظهر أن الانضباط هو الطريق الحقيقي للنجاح.
رصد الممارسات السلبية وكشف شبكات البلطجة التي قد تتخفى تحت شعارات زائفة.
إطلاق حملات إعلامية متواصلة تدعو لنبذ العنف وترسيخ ثقافة الحوار.
الإعلام والدراما سلاح ذو حدين
من أبرز التحديات أن بعض الأعمال الدرامية أسهمت، بقصد أو بغير قصد، في تلميع صورة البلطجي وتقديمه كبطل شعبي، وهو ما ساعد على تطبيع هذه الظاهرة. هنا يظهر الدور الأخطر للإعلام وصناع الدراما في ضرورة إعادة صياغة الرسائل الفنية بحيث تبرز خطورة البلطجة بدلًا من تجميلها.
بناء وعي مجتمعي رافض للعنف
الإعلام قادر على أن يكون جسرًا بين الدولة والمواطن في مواجهة هذه الظاهرة، إذا ركّز على:
نشر ثقافة القانون والعدالة.
غرس قيم التسامح والانتماء.
تقديم قصص نجاح لأفراد ومجتمعات استطاعوا مواجهة العنف بالوعي.
البلطجة ليست مجرد سلوك فردي، بل مرض اجتماعي يحتاج إلى علاج جماعي. والإعلام هو خط الدفاع الأول في هذه المواجهة، لأنه يملك القدرة على تغيير المفاهيم، وكشف الحقائق، وصناعة الوعي. فإذا كان العنف هو لغة البلطجة، فإن الوعي هو سلاح المجتمع المضاد، والإعلام هو من يضع هذا السلاح في يد المواطن.
