إهمال المسؤولين .. والبلطجة القاتلة (بقلم/ د. أشرف رضوان)

استكمالا لرصد أزمة حقيقية يجب أن تتوافر معالجتها قبل فوات الأوان، ظاهرتين كل واحدة منهم تودى بحياة أجيال وهما: التمثيل والبلطجة، والتقليد الأعمى لشخصيات البلطجية فى الأفلام، حيث جاء المثل الأعلى واحتل الفنان “محمد رمضان” مكانة القدوة فى البلطجة، كما شاهدناه فى “عبده موتة، والألمانى، وفارس الجن، وقلب الأسد”، وكسب بها شعبية كبيرة جداً، لكنه يستغلها فى الهبوط بالمستوى الأخلاقى.

وزاد على ذلك ما تسبب فيه محمد رمضان من واقعة الجلوس فى كابينة إحدى الطائرات الخاصة والعبث فى الأجهزة الخاصة بالقيادة، وكانت النتيجة أنه تم إلغاء رخصة الطيار قائد الرحلة التى كان على متنها الممثل النابغة وسحبها مدى الحياة، وعدم توليه مستقبلاً أى أعمال تخص الطيران المدنى سواء إدارية أو فنية، وسحب رخصة الطيار المساعد لمدة عام. هذا بالإضافة إلى تقديم الاستقالة من رئيس مجلس إدارة شركة الطيران الخاصة التى تتبعها هذه الطائرة، وقد تم قبولها من الفريق يونس المصرى وزير الطيران المدنى.

ومما لاشك فيه أن لدينا أزمة حقيقية فى شخصيات مسئولة فى الدولة لم تكن لديهم الجرأة فى اتخاذ القرار فى الوقت المناسب، ربما يرجع لضعف فى شخصيته، أو عدم الفهم، وربما ترتبط بالمصالح الشخصية. وفى كل الأحوال لابد أن نلقى اللوم على الأجهزة المسئولة التى يتم عن طريقها اختيار هؤلاء المسئولين قبل إسناد المناصب الحساسة إليهم. فمستقبل الوطن يوضع بين أيديهم، ومنهم من يتعامل مع الملفات المهمة باستهتار دون أية رقابة أو محاسبة. ويدفعنا هذا إلى سؤال وزيرة الثقافة التى تصدر تصاريح الأفلام من خلالها وبموافقتها، هل هى راضية عن نوعية أفلام محمد رمضان؟ التى تربى عليها أجيالا جديدة يحمل البعض منها فى جيبه مطواة، والبعض الآخر سيفا، ولنا مثال على ذلك فى حادثة محمد راجح الذى قتل بدم بارد أحد الشباب بمطواة بسبب معاكسته إحدى الفتيات وبمساعدة ثلاثة من أصدقائه لأنه أسدى له نصيحة بعدم التحرش ومعاكسة الفتاة. لقد استشعرت بناقوس الخطر يدق على أبواب الشارع المصرى بعد هذا الحادث الأليم الذى راح ضحيته شاب تمسك بالتقاليد المحترمة وأبى أن يكون ضمن ضحايا محمد رمضان ودفع مقتله ثمنا لشهامته. الكثير من الغاضبين علقوا المسؤولية على عاتق الآباء متهمين إياهم بالتقصير فى تربية أبناءهم والتى أدت فى النهاية إلى هذا العبث ولكننى أصر أن التربية وحدها لا تكفى وإنما لابد من حماية أبناءنا من الأفلام الهدامة التى تأخذ مجتمعنا إلى القاع، وأن نرتقى بالفكر لكى نُنشئ جيلا يعرف معنى النخوة والشهامة، حتى نحمى أجيالنا القادمة من هذا الفكر الخطير الذى يتمثل فى أدوار البلطجة.

كما أن هناك مسئولون آخرون ليس لديهم الجرأة فى اتخاذ القرار مثل وزيرة التضامن الاجتماعى التى رفضت صرف العلاوات الخمس رغم موافقة السيد الرئيس على صرفها، ووزيرة السياحة التى اعتاد أن يقف على أبواب وزارتها آلاف الضحايا من متضررى شركات النصب العقارى دون استجابة أو تقديم أية حلول، وكأنها تسعد بانتظار الضحايا على أبواب وزارتها لإشباع رغبتها فى الإحساس بأهمية منصبها الرفيع! وكأن إهمال الضحايا وتركهم فريسة للنصب دون تدخل المسئولين أمر طبيعى، وعليهم اللجوء إلى القضاء. يأتى هذا فى الوقت الذى يكرس فيه السيد الرئيس كل مجهوداته ووقته من أجل رفعة هذا الوطن، ولكن كيف لنا أن نرتقى بهذا الوطن وبه مسئولين لا يعنيهم مشاكل المواطنين، ولا يفكرون بأن الكرسى الذى يجلسون عليه ليس دائم وعلى زوال؟.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.