التوثيق والتحليل والتطبيق في كتاب الدكتورة ياسمين فراج بعنوان
(المسرح الغنائي في مصر من بداياته حتى نهاية القرن العشرين)
كتب عمرو الكاشف
ضمن أحدث إصدارات المطبوعات بالهيئة العربية للمسرح بالشارقة صدر كتاب (المسرح الغنائي في مصر من بداياته وحتى نهاية القرن العشرين) ضمن سلسلة دراسات للأستاذ الدكتور ياسمين فراج أستاذ النقد الموسيقي بأكاديمية الفنون والناقدة الموسيقية والفنية المعروفة.
بدأت د. ياسمين فراج كتابها بإهداء على شكل رباعية شعرية كما في جميع كتبها السابقة ، وفي هذه المرة أهدته لصناع وجمهور المسرح كالتالي :
إلى رعاة فن المسرح أبو الفنون
إلى فناني خشباته الذين بحب يكدحون
إلى جمهور المسرح الذي يسانده بجنون
إلى كتاب المسرح الخالدين وأبداً لا يموتون
وفي مقدمة الكتاب ذكرت مؤلفته أن : موسيقى المسرح ومسرح الموسيقى مصطلحان ظل تفسيرهما يؤرقني طوال سنوات دراستي ثم عملي في مجال المسرح والنقد والتدريس الأكاديمي، ومن هنا إرتأيت أنه من الضروري أن أقدم دراسة واسعة عن المسرح الموسيقي الذي نعرفه في مصر والوطن العربي بإسم المسرح الغنائي. الحدود المكانية لهذه الدراسة هي جمهورية مصر العربية لأنها من أكثر بلدان المنطقة العربية إنتاجاً للعروض المسرحية عبر تاريخها . أما الحدود الزمانية فهو القرن العشرين لأنه شهد تغيرات سياسية وإجتماعية أثرت على شكل ومضمون المسرح الموسيقي في مصر.
بالرغم من أن هذه الدراسة تتعرض لأوضاع المسرح الموسيقي في مصر خلال القرن العشرين إلا أنه كان لابد من العروج على بدايات المسرح الموسيقي في تاريخ مصر بدءاً من عصور المصريين القدماء ومابعده كإطلالة توثق لأصول هذا النوع من المسرح في تاريخ مصر .
تتضمن هذه الدراسة الموسعة تحليل سيسيوميوزيك يجمع بين دراسة أوضاع المجتمع الذي أنتجت فيه العروض المسرحية الغنائية، وبين التحليل الموسيقي لشكل ومضمون الغناء والتلحين أو التأليف في عروض المسرح الموسيقي (الغنائي) خلال القرن العشرين. وذلك من خلال مجموعة من المدونات الموسيقية التي ننفرد بنشر بعضها للمرة الأولى على الإطلاق لتكون بمثابة توثيق أيضاً لنوعيات مختلفة من موسيقى وأغنيات العروض المسرحية الموسيقية في القرن العشرين.
من خلال هذه الدراسة وجدت أن المسرح الغنائي المصري في النصف الأول من القرن العشرين كان الأوفر حظاً لدراستة والتوثيق له في مقابل نُدرة في توثيق ودراسة المسرح الغنائي المصري في النصف الثاني من القرن نفسه وهذا مانحاول تقديمه بإستفاضة في هذه الدراسة .
من خلال هذه الدراسة نستعرض نتائج خاصة لشكل ومضمون المسرح الغنائي في كل فترة زمنية خلال القرن العشرين، كما أنني حاولت الإجابة على عدد من التساؤلات العامة التي تؤرق عدداً من المسرحيين في مصر والوطن العربي المتعلقة بالمسرح الموسيقي ولم يتصدر أحداً من الباحثين للإجابة عنها حتى تاريخ تقديم هذه الدراسة، وهذه التساؤلات هي :
– هل هناك أوبرات مصرية، وإذا كانت هناك أوبرات مصرية فما هي الفروقات بينها وبين الأوبرا بمفهومها الغربي؟
– هل هناك فروقات بين الموسيقى والغناء في الأوبرا والأوبريت والمسرح الإستعراضي؟
– هل كل عرض يتضمن عدداً من الأغنيات يندرج تحت مسمى مسرح غنائي؟
في الجزء الأخير من الكتاب قدمت د.ياسمين فراج تطبيق يربط بين الدراسات الإجتماعية و تحليل العرض المسرحي الغنائي من خلال نموذج الأوبرا الشعبية إنقلاب طبقاً لتصنيف (أجنر فوج) للمرة الأولى وذلك من خلال علاقة عناصر العرض المسرحي بعناصر المجتمعات الريجالية والكاليبتية.
تعرض الكتاب لسير الذاتية وببلوجرافيا لأعلام التلحين والتأليف والإنتاج في المسرح الغنائي خلال القرن العشرين ، تضمن الكتاب مجموعة من صور العروض المسرحية خلال القرن العشرين بعضها يُنشرلأول مرة ، أما النوتات الموسيقية المرفقة بالكتاب فقد أكدت أ.د ياسمين فراج أنها تنشر لأول مرة وأغلبها قد دونتها بنفسها وبعضها حصلت عليه من المؤلفين الموسيقيين أنفسهم مثل النوتة الموسيقية الكاملة لإفتتاحية الأوبرا الشعبية المصرية (إنقلاب) للفنان والموسيقي محمد نوح. ويعد هذا الكتاب مرجعاً هاماً للمهتمين بالمسرح بشكل عام والمسرح الغنائي بشكل خاص.
والجدير بالذكر أن أ.د ياسمين فراج ستكون عضو لجنة تحكيم العروض المسرحية مهرجان أيام الشارقة المسرحية في دورته الرابعة والثلاثين والتي ستنعقد في الفترة من 19 إلى 29 فبراير بإمارة الشارقة بالإمارات العربية المتحدة.