بقلم… سلمي الفلاح الصبر في مواجهة الحياة

بقلم… سلمي الفلاح

الصبر في مواجهة الحياة

يجب على الإنسان أن يواجه الحياة بكل صبر، فالصبر ليس مجرد تحمّل، بل هو فنّ من فنون القوة الداخلية، ووقارٌ في مواطن الألم، وثقة بأن ما بعد العسر يسر. قال الله تعالى:
﴿فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا﴾ [الشرح: 5-6].
كل مرحلة تمر في حياة الإنسان، سواء كانت مليئة بالفرح أو مغمورة بالألم، تحتاج إلى صبر جميل وإيمان صادق وثبات عميق.

الحياة لا تمضي على وتيرة واحدة، فهي بين مدّ وجزر، وسرور وحزن، ونجاح وتعثر. ومن يدرك هذه الحقيقة، يعيش بسلام داخلي، فلا يفرط في الفرح، ولا ينهار في الحزن. إن الإيمان بأن لكل شيء نهاية، وأن الصبر مفتاح لكل قفل، يجعلنا أكثر قدرة على التحمل، وأشد استعدادًا للتغيير والنمو.
قال تعالى: ﴿وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ﴾ [البقرة: 155-156].

الصبر لا يعني الاستسلام، بل هو وقوف شامخ أمام الرياح، وانتظار واعٍ لفرجٍ قادم. وهو من أعظم ما يعين الإنسان على تجاوز الابتلاءات، لا سيما إذا اقترن بالإيمان بأن الله لا يضيع أجر الصابرين، وأن كل لحظة صبر هي درجة في طريق النضج الروحي والنفسي.
قال تعالى: ﴿إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ [الزمر: 10].

ومن أبواب التخفيف عن النفس أثناء الأزمات، بابٌ عظيم يغفل عنه كثير من الناس، وهو الصدقة. فالصدقة ليست فقط في المال، بل تشمل الطعام، والكلمة الطيبة، وجبر الخواطر، والابتسامة، وكل ما يُسهم في رفع المعاناة عن غيرك.
قال تعالى: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا﴾ [التوبة: 103].
فالصدقة تطهّر القلب، وتزرع الطمأنينة، وتجلب الرحمة، وقد تكون سببًا في تفريج كربة، أو رفع بلاء، أو شفاء ألمٍ خفي لا يُدرَك.
من يجبر قلوب الآخرين يُجبره الله، ومن يفرّج كربة عن أخيه، يُفرّج الله عنه كرب الدنيا والآخرة.

إن الثبات وقت الشدائد، وعدم الانهيار أمام الأقدار، هو ما يجعل الإنسان كبيرًا حتى في ضعفه، وعظيمًا حتى في ألمه. فالحياة ليست سهلة، لكن من يتسلح بالصبر والإيمان، ويُرفق ذلك بعمل الخير والصدقة، يستطيع أن يرى النور في نهاية كل نفق.

وفي النهاية، علينا أن ندرك أن كل مرحلة من حياتنا، مهما بدت صعبة أو غامضة، تحمل في طيّاتها درسًا ورسالة، وربما بركة خفية لا تظهر إلا بعد حين. فلنصبر، ولنثبت، ونعمل الخير، ولنمضِ قدمًا بإيمان راسخ بأن الله لا ينسى أحدًا، وأن الفرج أقرب مما نظن.
قال تعالى: ﴿وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ﴾ [الطلاق: 2-3].

وفي الختام: عامل المصيبة كضيفٍ، سترحل، سترحل مهما طالت.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *