“Elasticity”
حين يتحول العلم إلى رؤية تصميمية معاصرة
للفنانة الدكتورة وسام حمدى النواوي
القاهرة في 30سبتمبر2025
متابعة عمرو الكاشف
في أجواء احتفالية ، اختُتم يوم الأثنين الموافق ٣٠ سبتمبر 2025 المعرض الفني التشكيلي “Elasticity”.. المرونة .. للفنانة الدكتورة وسام حمدي النواوي وقد حمل المعرض اسمًا مبتكرًا ليعكس جوهر فكرة ديناميكية الكون بين التمدد والانكماش في صياغة لغوية مبتكرة تستند إلى نموذج الإرتداد الكبير في علم الكونيات وترجمته إلى لغة بصرية غنية بالعلاقات الخطية والتكوينات المتناغمة في لوحات تصميمية معاصرة.
وقد جاء الختام وسط حضور مكثف أكد أن التجربة لم تكن مجرد معرض فني تشكيلي ، بل حدث استثنائي جمع بين الفكر العلمي والإبداع الفني في صياغة بصرية غير مسبوقة.
وكان المعرض قد افتُتح يوم الثلاثاء الموافق 23 سبتمبر 2025، حيث قام بافتتاحه الأستاذ الدكتور شريف حسن عبد السلام عميد كلية الفنون التطبيقية بجامعة حلوان، والأستاذة الدكتورة مروة خفاجي، وكيلة الكلية لشؤون خدمة المجتمع وتنمية البيئة، والفنان التشكيلي أحمد الجنايني رئيس أتيليه القاهرة، وسط حضور بارز لنخبة من الأساتذة وأعضاء هيئة التدريس والفنانين والمثقفين.
يطرح المعرض تصورًا تشكيليًا لفكرة التمدد والانكماش الكوني لنموذج الارتداد الكبير ، مستلهمًا من المرونة الكونية التي يعكسها النموذج العلمي فالفنانة الدكتورة وسام حمدي النواوي انطلقت من العلاقات الخطية والهندسية، لتجعلها تتمدد وتنكمش في جماليات بصرية متسلسلة، مستلهمه إيقاعاتها من تناغمات الفنان العالمي فازاريلي في صياغه مستحدثة تخدم فكرة نموذج الارتداد الكبير، فلم يكن توظيف الخداع البصري في أعمال د. النواوي مجرد إبهار بصري، بل كان خيارًا فكريًا واعيًا ،وبذلك تحولت الخطوط الشبكية إلى إيقاعات ديناميكية تجسد المرونة الكونية، حيث يختبر المشاهد إحساسًا بالحركة المستمرة بين الاتساع والانكماش
كما حرصت الفنانة التشكيلية د.وسام حمدي النواوي على إثراء تجربة الزائر منذ اللحظة الأولى، حيث قامت بإعداد بانر إبداعي ضخم عند مدخل المعرض، حمل ملخصًا شعريًا لفلسفة المعرض ورؤيته الكونية، وقد صُمم البانر على عمود علوي ليشكل بموقعه البارز افتتاحية بصرية وفكرية للمعرض، وليسرد بأسلوب تعبيري مميز جوهر الفكرة التي تم تنفيذها في الأعمال المعروضة. هذا التقديم الشعري لم يكن مجرد عنصر زخرفي، بل جاء كجسر بين النظرية العلمية واللغة الفنية، مهيئًا الزائر لخوض رحلة تأملية داخل عالم “Elasticity”، حيث تتقاطع المرونة الكونية مع جماليات التشكيل في تجربة فنية فريدة.
وقد قدمت الفنانة الدكتورة وسام حمدي النواوي رؤى متنوعة لطريقة العرض التقديمي للأعمال الفنية حيث تميّز العرض بمرونة تشكيلية موازية لفكرة المعرض؛ ففي يومه الأول قُدمت الأعمال كجدارية تجميعية واحدة على جدار رئيسي ضخم، لتظهر ككيان متكامل. وفي اليوم الثاني تفككت الجدارية إلى وحدات مستقلة، أما في اليوم الثالث توزعت الأعمال على ثلاث حوائط: اللوحة الرئيسية في الوسط، ومن ثم امتداد الأعمال يمينًا نحو الجدار الثاني للتأكيد على فكرة الاتساع، بينما جاءت يسارًا لتترابط في تقارب بصري يعكس فكرة الانكماش في قراءة بصرية متغيرة.
وعرضت الفنانة د.وسام حمدي النواوى14 لوحة تصميمية ، تتمحور حول لوحة المركزية العملاقة التي جسدت نقطة الانطلاق؛ لوحة واحدة جمعت التقاء بين عمليتي الاتساع والانكماش، لتصبح محورًا يتفرع منه العمل الفني كله
– خمسة لوحات يمينًا: عبرت عن التمدد الكوني، حيث تتسع العلاقات الخطية القائمة على أساس شبكي، وتنطلق الجسيمات في حركات متسارعة إلى الخارج. وقد جاءت في مجموعة لونية يغلب عليها الأزرق والأبيض لتعكس إحساس السماء والاتساع، مع درجات البرتقالي الأحمر في تدرجات متباينة بين الغامق والفاتح لتجسد مفهوم الاتساع المتسارع.
– خمسة لوحات يسارًا: جسدت الانكماش الكوني، حيث تتقارب المسارات الخطية نحو الداخل في أعماق متتالية، لتجتمع تدريجيًا في نقطة انغلاق. وقد تميزت هذه الأعمال بعلاقات لونية يغلب عليها الأخضر والبرتقالي الأصفر والذهبي، في تدرجات بين الفاتح والغامق، مما أضفى لمسات جمالية وتأكيد حركة الانكماش التدريجي.
وفي نهاية المعرض قدمت الفنانة الدكتورة وسام حمدي النواوي نموذج مصغر يعكس هوية التجربة على هيئة عمود بصري لفكرة المرونة الكونية مثلت خلاصة لفكرة المعرض ككل؛ اللوحة العلوية تناولت عملية الاتساع الكوتى، التي تليها لوحة مزجت بين الاتساع والانكماش، بينما جاءت اللوحة الأخيرة لتعبر عن الانكماش الكونى.
بهذه التجربة، وضعت الفنانة الدكتورة النواوي الفن التشكيلي في حوار مباشر مع العلم، حيث امتزجت النموذج الكوني للارتداد الكبير مع الخداع البصري في صياغة تصميمية معاصرة لتقدم بذلك عملًا استثنائيًا يرسّخ أن الفن ليس مجرد جماليات بصرية، بل أفق فكري ومعرفي قادر على احتضان أكثر النظريات العلمية تعقيدًا وتحويلها إلى تجربة حسية تصميمية مدهشة.