كورونا من وجهة نظر المجتمع

 

كتب / إسماعيل بدوى

 

لا يزال انعدام الثقة بين الناس والحكومات فى معظم دول العالم يلعب دوراً في زيادة الصعوبات التي تواجه معالجة تفشي فيروس “كورونا”. فالتفاوتات الراسخة والعميقة الجذور، والافتقار إلى المساءلة والشفافية، كلها وسائل تزيد من عدم الثقة والخوف والذعر فى حالة الأزمات. فالكُل منزعج سواء حكاماً أو محكومين. فذلك الوباء المُسمى “كوفيد 19” خضع لحسابات السياسة والصراعات في المنطقة واستخدام نظرية المؤامرة التي تسببت فى إرباك خطط ممنهجة ووقف عمليات تكاد تقضي على الأخضر واليابس داخل القرية الكونية، التي ما خُلقت إلا لاستخلاف الإنسان من رب العباد فى الأرض لتعميرها وليس لتدميرها.

فالذين يديرون دفة الأمور يديرونها بعكس ما خُلقت من أجلها الطبيعة، وخُلق معها الإنسان ليعمرها، ذلك الإنسان الذى خُلقت من أجله، ولكنهم أبوا إلا أن يتقاتلوا ويعيشوا على الاختلاف والخلاف، وبعدها سيرحلون مهما طال بهم الزمن أو قصُر، وهجرت نفوسهم السكينة والسلام وحل مكانها الظلام، والخلاف في الرأي يؤذيهُم، فلا مكان لمجتمع يستكين أو يدعى الصمت أو القداسة. فما هى وجهة النظر أمام ذلك الوباء الذى يحيط بالعالم، بالرغم من أنه “فيروس لا يُرى بالعين المجردة”، لكنه أظهر ضعف قوة العالم أجمع أمام غزوه، وأوقف كل من كان يدعى المعرفة ببواطن الأمور، وأخذ يصول ويجول بأنه يعرف دبة النملة، وبأنه إذا دخل فأراً وخرج من هذه الدول فسينكشف أمره. فمن سمح لـ”كورونا” بالدخول؟

ولنعرض رأي بعض الطبقات من المجتمع في هذا الشأن:

الطبقة الأولى: الطبقة الغنية أو الرأسمالية، تسميه وباء مُرعب ومميت ومُخيف، يخافون منه ويتخذون كل التدابير الاحترازية للوقاية من ذلك الشبح المخيف الذى جاء ليقضى على أحلامهم ومكتسباتهم.

الطبقة الثانية: طبقة الحكام والساسة، الذين ينظرون بعين احترازية ويُسخرون كل الإمكانات لمعرفة الخروج من دائرة الخطر، والوسائل التي تحمي العالم من تلك الكوارث والأزمات البيئية. فبالعلم والثقافة تحيا الشعوب، وليس باستحداث الآلات الحربية المدمرة.

الطبقة الثالثة: الطبقة المتوسطة، وينظرون عما ستسفر عنه الأيام معتمدين على جهد الطبقة الثانية، أو الطبقة المتواكلة التي قد تؤدى إلى غياهب الظلمات. وفى النهاية وعلى طريقة “داونى بالتي كانت هي الداءُ”. فالدعاء لرب العباد بأن يكشف عنا الغمة ويُلهم ذوى العقول الرشيدة الصواب.

الطبقة الرابعة: طبقة العلماء والمخترعين، الذين بُح صوتهم بأن لا مكان على هذا الكوكب إلا بتطوير العلم وتسخير الإمكانات لصالح الإنسانية، ولكن الحقيقة ضاعت أمام تسليح خاطىء لآلات عسكرية سخرها الإنسان للحروب والقتل حتى يقضى الله أمراً كان مفعولا، وأن الله سبحانه وتعالى يضع نظاماً لتسيير الأرض ومن عليها.

الطبقة الخامسة: طبقة المهمشين فى كل شىء، فى التعليم .. والصحة .. والمسكن .. والمشرب ..إلخ، فلا تريد الطبقات الأخرى أن تنظر لهؤلاء بعين الرحمة، وتركوهم عرضة للأمراض وخلافه. وبعدها تريد ان تسألهم الآن عن رأيهُم .. أين أنتم من صحتنا؟ أين أنتم من مسكننا ومأكلنا ومشربنا؟ بل من إنسانيتنا؟ ..

الطبقة الأخيرة: هى الفئة الضالة والمضللة التى اتخذت من الدين ستاراً ومعرفة ببواطن الأمور، وتصرخ عبر منابرها فى أناس أرادت لهم السمع والطاعة دون التفكير فى أمور دينهم وتُعايرهُم وهى فرحة مستبشرة بقرب النهاية لعباد لم تستمع لهم وهم فقط الفرق الناجية من النار وعذابها فى الدنيا والآخرة!

 

 

” سيناء” .. تاريخ .. وانتصارات عبر العصور

 

بقلم الباحثة/ ملك عبدالله سمرة

             عضو اتحاد الأثريين المصريين

أسهمت الاكتشافات الأثرية في سيناء منذ استردادها في تحقيق عدة أهداف، منها كشف الأكاذيب الإسرائيليه وتزويرهم لتاريخ سيناء أثناء احتلالهم وإعاده تاريخ سيناء بناء على الحقائق والدلائل الأثريه وما مرت عبر العصور ولقد أثبتت الدلائل العلمية والتاريخية أن الإنسان المصري القديم عاش في سيناء وقام بتعمير مناطق عدة في الشمال والوسط والجنوب من أرضها منذ العصر الباليوليتي، أي نحو 100 الف سنة.

كانت سيناء طريقاً للهجرة تربط بين قارتي آسيا وإفريقيا، فقد عُثر على أدوات في ذلك العصر عند وادي النيل، الأمر الذي يؤكد أن سيناء كانت معمورة، وأن حضارتها كانت جزءاً من حضارة وادي النيل. وهي معبر حضارات العالم القديم في وادي النيل، ودلتا نهري دجلة والفرات، وبلاد الشام، ومعبر الديانات السماوية، والتي كرمها الله بذكرها في القرآن الكريم فى قوله تعالى (والتين والزيتون وطور سينين) سورة التين آية (1، 2)، وكرمها سبحانه وتعالى بعبور أنبياؤه، فعبرها الخليل إبراهيم عليه السلام، وعاش فيها موسي بن عمران عليه السلام ومنها تلقي الشريعة من ربه، كما عبرتها العائلة المقدسة السيدة مريم وابنها المسيح عيسى بن مريم.

وقد انعكست الأهمية الدينية والجغرافية والاقتصادية لسيناء على مكانتها وتطورها التاريخي، حتى أصبح تاريخها بمثابة سجل شامل للأحداث الكبرى في المنطقة. فجاء أول ذكر لسيناء في الآثار المكتوبة الباقية والتي تعود إلي 3000 عام قبل الميلاد عند بدء تكوين الأسرة المصرية‍ الفرعونية الأولي على يد نعرمر مؤسس الأسرة وموحد البلاد. حيث ذُكرت سيناء كمصدر لمناجم النحاس والفيروز، ولكن استغلال هذه المناجم لم يبدأ في هذا التاريخ المدون ولكن قبل ذلك بمئات السنين منذ أن عرف المصريون النحاس وصنعوا منه أدواتهم، أي منذ فجر خروج البشرية من العصر الحجري إلي عصر استخدام المعادن.

الدولة القديمة (2780 ق.م-2280 ق.م ): خلال هذه الفترة عرفت سيناء كمصدر للنحاس والفيروز خاصة في منطقة وادي المغارة حيث وُجدت نقوش تحمل أسماء أهم ملوك هذه الدولة. وما بين (2130ق.م.-1600ق.م.) استمر استغلال المصريين لمنطقة المناجم في سيناء ولكنهم انتقلوا إلى موقع آخر قريب من وادي المغارة وهو سرابيط الخادم التي شيدوا فيها معبداً للآلهة حتحور وتركوا فيها مئات النقوش التي حملت أسماء ملوكهم. أما في الدولة الحديثة (1600ق.م-1000ق.م)، فقد اتجه تاريخ سيناء منذ بداية الأسرة 18 (1580ق.م) نحو الطريق الحربي الكبير الذي يصل بين مصر وفلسطين والذي كان مُستخدما في الأسفار المحدودة ثم أصبح أهم الطرق الحربية في العالم القديم وذلك بعد أن حررت مصر نفسها من الهكسوس وخرجت تؤمن حدودها. كما كانت سيناء طريق “رحلة العائلة المقدسة إلي مصر”، وبعد بضعة قرون حدث اضطهاد من الرومان لمعتنقي الدين الجديد فذهب بعضهم إلي واحة فيران في جنوب سيناء وشيدوا أديرة هناك، ولم يبق منها إلا الدير القائم عند جبل موسي وهو دير “سانت كاترين”.

جاء الفتح العربي لمصر عام (640م) من خلال شبه جزيرة سيناء عبر الطريق الحربي الكبير، وكان الجيش العربي قادماً من الشام بقيادة عمرو بن العاص في عهد ثاني الخلفاء الراشدين عمر بن الخطاب، وسار بمحازاة ساحل البحر المتوسط حتى وصل للعريش ومنها اتجه إلى الفرما حيث لقى مقاومة شديدة من الحامية البيزنطية واستمرت الاشتباكات شهراً حتي تغلب عليها في أوائل عام 640م ودخل مصر عبر بلبيس ثم إلي حصن بابليون.

عادت أهمية شبه جزيرة سيناء العسكرية للظهور في عصر الحروب الصليبية، فما كاد الصليبيون يثبتون أقدامهم في بيت المقدس وجنوب الشام حتي تطلعوا إلى مصر، وقام ملك بيت المقدس بحملة عام 1116م (510هـ) أوصلته إلي شاطئ البحر الأحمر ثم اتجه إلي دير سانت كاترين في سيناء، وهناك رفض رهبان الدير أن يستضيفوه في ديارهم، ثم اتجه نحو الفرما واستولي عليها ونهبها، ثم تقدم إلي تانيس على شاطئ بحيرة المنزلة وتوفي بالعريش وهو في طريق عودتـــه إلي القدس في عام 1118م (512هـ). وبعد ظهور الدولة الفاطمية، اشتد التنافس بين نور الدين محمود من ناحية، وعموري ملك بيت المقدس الصليبي من ناحية أخري حول الفوز بمصر، وكانت شبه جزيرة سيناء هي الطريق الذي سلكته جيوش الطرفين، أدت للاشتباك بينهم في وادي النيل حتي انتهي الأمر بانتصار جيش نور الدين محمود وقيام الدولة الأيوبية في مصر والشام.

وهكذا كانت شبه جزيرة سيناء هي حلقة الوصل بين مركزي الدولة الأيوبية في القاهرة والشام، ولذلك اهتم الناصر صلاح الدين الأيوبي بتحصين سيناء وبناء القلاع المهمة بها، وتقويض أي نفوذ صليبي يقترب من سيناء. ومن أشهر هذه القلاع قلعة الجندي التى تقع أعلي تل الجندي شرق مدينة رأس سدر، وقلعة صلاح الدين بجزيرة فرعون قرب طابا. وعندما شرع أرناط صاحب حصن الكرك الصليبي بالإستيلاء علي أيلة عام 1182م (578هـ) وتهديد المسلمين في البحر الأحمر وشواطيء الحجاز، فضلاً عن قطع طريق القوافل بين مصر والشام، وأعلن صلاح الدين الحرب ضد الصليبيين، وهي الحرب التي انتهت بهزيمتهم في حطين عام 1187م (583هـ) وعودة “بيت المقدس” إلي المسلمين. وثمة أهمية خاصة أخري لشبة جزيرة سيناء في العصور الوسطي هي أنها كانت تمثل المعبر الأساسي للحجاج المصريين في طريق ذهابهم إلي الحجاز وعودتهم إلي مصر.

ومثلما خرج الجيش الإسلامي بقيادة صلاح الدين عبر سيناء لهزيمة الصليبيين، فقد خرج جيش مصر بعد أقل من قرن واحد لمواجهة التتار الذين سيطروا علي أجزاء واسعة من الصين وآسيا الوسطي ثم اجتاحوا العراق وقتلوا آخر الحكام العباسيين، وأنهوا على الدولة الأيوبية في الشام، ثم توجهوا إلي مصر حيث بعثوا برسالة لطلب الاستسلام ولكن سيف الدين قطز سلطان المماليك رفض التهديد وتوجه بجيش مصر عبر سيناء وواجه التتار فى موقعة عين جالوت بجنوب فلسطين وألحقوا بالتتار أقسي هزيمة فيما وراء نهر الفرات حتي تلاشى وجودهم.

العصر العثماني

بعد هزيمة سلطان المماليك ومقتله في معركة مرج دابق شمال حلب عام 1516 اختار المماليك السلطان طومان باي خلفاً له والذي أرسل فرقة من المماليك عبر سيناء لملاقاة العثمانيين عند غزة حيث دارت معركة انهزمت فيها فرقة المماليك ففتح الطريق أمام الجيش العثماني لدخول مصر من الطريق الحربي المعروف عبر رفح والعريش وقاطية حتي وصلوا إلي الريدانية قرب القاهرة وواجهوا هناك جيش طومان باي وهزموه وشُنق طومان باي على باب زويلة، وأصبحت مصر “ولاية عثمانية” ثم غادرها السلطان سليم الأول “عبر سيناء” أيضاً عائداً إلي القسطنطينية، وإن كان قد توقف قرب العريش حيث قُتل وزيره يونس باشا الذي استمر يعارضه في فتح مصر، وقد اهتم العثمانيون بسيناء اهتماماً بالغاً نظراً لإدراكهم أهميتها الاستراتيجية والتجارية.

إعمار سيناء في العصر العثماني

اهتم السلطان سليم الأول ببناء العديد من القلاع مثل قلعة “الطور” جنوب مدينة الطور، و”قلعة العقبة” التي شُيدت عام 1516 في عهد السلطان المملوكي قنصوة الغوري وتقع جنوب قلعة الطور وقلعة نِخِل التي شيدها السلطان الغوري علي طريق الحج ورممها وعنى بها السلطان العثماني مراد الثالث عام 1594 ولا تزال آثار هذه القلعة باقية على عكس القلعتين السابقتين. وفي عام “1888”  جعلت الحكومة المصرية قلاع سيناء في قومندانية واحدة ماعدا طابية العريش التي ظلت قومندانية بمفردها وهي القلعة التي شيدها السلطان سليمان القانوني عام 1560م، وقد اهتم العثمانيون بطريق الحج “عبر سيناء” وجعلوا له إدارة خاصة. كما أولو عناية خاصة بدير سانت كاترين، كأحد رموز التسامح الديني في سيناء وصدرت العديد من الفرمانات التي تقدم الضمانات والأمان لرهبان الدير وزواره وممتلكاته واستقلاله الديني.

سيناء والحملة الفرنسية علي مصر

أبرزت الحملة الفرنسية على مصر عام 1798 وعلى الشام عام 1799 الأهمية الاستراتيجية المضاعفة لسيناء في العصر الحديث. ففي العام التالي لحملته على مصر، أرسل بونابرت حملة إلى الشام عبر الطريق الحربي شمال سيناء، ولكن القوات العثمانية قد سبقت لملاقاته واستولت بقيادة أحمد باشا الجزار والي عكا على قلعة العريش والتمركز فيها. وهكذا دارت علي أرض سيناء معارك كبرى، وتحولت من أرض عبور الجيوش إلي ساحة للمعارك. فقد واجهت القوات الفرنسية مقاومة عنيفة من بدو سيناء ومن أهل مدينة العريش، ثم من القوات العثمانية في القلعة. وبعد حصار استغرق عشرة أيام أمكنهم من الاستيلاء علي العريش واعتبر الفرنسيون ذلك نصراً هائلاً زفوه إلي قوات الحملة في مصر وأعلنوه في الأزهر. وواصلت الحملة طريقها إلى الشام لكنها فشلت في فتح عكا خاصة بعد أن أرهقت في حروبها طوال الطريق، فتراجع الفرنسيون لتشهد “أرض سيناء” والعريش، تحديداً مناسبة تاريخية أخرى هي المفاوضات بين الفرنسيين والعثمانيين وكان ذلك في معسكر الصدر الأعظم بمدينة العريش إلي أن تم التوقيع علي معاهدة العريش في 28 يناير عام 1800 والتي كانت نقطه‍ مهمة في خروج الفرنسيين.

سيناء تحت حكم محمد عــــلـى

في عام 1805 تولى محمد علي باشا حكم مصر بمساندة الأعيان والشيوخ في محاولة استقلالية عن الباب العالي العثماني، وأصبحت سيناء خاضعة لحكمه شأنها شأن سائر بقاع القطر المصري، وكانت سيناء وقتذاك مقسمة إلي ثلاثة أقسام إدارية هي:

– مدينة الطور: وكانت تابعة لمحافظة السويس.

– قلعة نِخِل وتوابعها: وتتبع إقليم الرزمانة (المالية المصرية).

– مدينة العريش: وتتبع وزارة الداخلية المصرية.

وقد احتلت سيناء أهمية كبيرة في فكر محمد علي خاصة إزاء اهتمامه بالوصول إلي منطقة الشام لتأمين حدود مصر الشرقية، الأمر الذي اعتبره محمد علي أحد أهم أركان الأمن القومي المصري، وبموجب اتفاقية كوتاهية عام 1833 أقر الباب العالي بحدود مصر الشمالية حتي جبال طوروس. وكانت حملة محمد علي على الشام عام 1831 قد عبرت سيناء عن طريق قاطية، وبئر العبد، ومسعودية، والعريش، والشيخ زويد، ورفح، كما اهتم إبراهيم باشا ابن محمد علي بترميم الآبار على طول الطريق كبئر قاطية وبئر العبد والشيخ زويد وغيرها.

وفي عام 1841 صدر فرمان عثماني بحدود مصر “وجعلها إرثاً” لأسرة محمد علي الذي شرع على الفور بإقامة مراكز حدودية عند طابا والمويلح لتأمين طريق الحج. كما اهتم بتعيين محافظين أكفاء لسيناء، وتزايد الاهتمام بإرسال البعثات العلمية إلي سيناء لدراستها. وقد سار أبناء محمد علي على نفس المنهج خاصة عباس باشا الأول (1848-1854) الذي قام بزيارة سيناء والتجول فيها، حيث أمر بتمهيد الطريق بين “الطور وسانت كاترين”، وأمر ببناء مقر له مازال باقياً فوق أحد الجبال غرب جبل موسى، وطرح فكرة إقامة مصيف لاستغلال “المياه الكبريتية” قرب الطور. كما اهتم الخديوي سعيد باشا (1854-1863م) بتأمين طريق الحج وأنشأ الحجر الصحي عند الطور، وفي عهده دخلت سيناء عصراً جديداً بمنحه امتياز شق قناة السويس لشركة فرنسية.

وفي عهد الخديوى إسماعيل (1863-1879) ظهرت مدن جديدة في سيناء مع حفر قناة السويس مثل القنطرة شرق، وعلي الشاطئ الغربي للقناة ظهرت الإسماعيلية وبورسعيد والقنطرة غرب، وتضاعفت البعثات العلمية لدراسة أحوال سيناء والموارد التي تزخر بها. أما في عهد الخديوى توفيق فقد حدثت تغييرات إدارية بإلحاق العريش بالداخلية وتعيين محافظ ملكي عليها يعاونه بعض رجال الشرطة، أما الطور فظلت تابعة للسويس. وقد تنبه الخديوي عباس حلمي الثاني (1892-1914) لأهمية سيناء وكثرت زياراته لها فزار الطور وحمام فرعون وحمام موسى عام 1896 والعريش ورفح عام 1898، كما أمر بتجديد المسجد العباسي بالعريش وعنى بالطرق في سيناء.

وقد اهتمت بريطانيا بسيناء اهتماماً كبيراً قبل وأثناء الاحتلال البريطاني لمصر، وأنفقت على البعثات العلمية وعمليات المسح، بل حاولت استمالة ورشوة بدو سيناء ضد الحركة العرابية، ولكن أبناء سيناء الذين وصلتهم أنباء الثورة العرابية، واستبشروا بها مثل سائر أبناء مصر رفضوا المحاولة البريطانية التي قام بها “بالمر” عام 1882م. ولم يكتف أبناء سيناء بذلك، بل تجمع شبابها وقرروا القضاء على بعثة بالمر المشبوهة وإفشال الخطة البريطانية، وقضوا بالفعل على البعثة ورئيسها في 11 أغسطس عام 1882، الأمر الذي أثار ثائرة بريطانيا، وما أن استقر احتلالها لمصر حتي اتجهت إلي سيناء وألقت القبض علي 12 شخصاً لمحاكمتهم.

الحرب العالميــة الأولــى

كان لسيناء شأن خطير في تلك الحرب، وكانت إحدى خطط بريطانيا هي تأمين وحماية طرق المواصلات، لذلك اهتمت بتأمين طريقين في سيناء هما الطريق الأوسط من الإسماعيلية إلي أم خشيب فالحسنة ثم بئر سبع، وطريق الساحل الشمالي. كما شرعت في بناء خط حديدي من القنطرة إلى رفح لنقل الإمدادات إلى فلسطين لمواجهة الخطر التركي-الألماني. وفي الاتجاه المعاكس، كانت سيناء هي طريق الحملة التركية على قوات بريطانيا، حيث سارت في ثلاثة اتجاهات، أولها طريق الساحل الشمالي للوصول إلي قناة السويس عند القنطرة. والثاني لاحتلال نِخِل والتوجه نحو السويس. والثالث في الطريق الأوسط القديم للوصول إلى مدينة الإسماعيلية والدفرسوار. وكانت القوات البريطانية في انتظار الأتراك غرب قناة السويس، وهزمتهم على مدى يومين فى 3 و 4 فبراير عام 1915. ولكن الإنجليز واجهوا الحملة على أرض سيناء ولاحقوها في فلسطين والشام،وسقط الشرق بأكمله في أيدي الإمبراطورية البريطانية.

واستناداً إلي دروس الحرب العالمية الأولى جعلت سلطات الاحتلال سيناء تابعة لإدارة عسكرية مباشرة، الأمر الذي ظل قائماً حتى حرب فلسطين عام 1948. وفي عام 1956 عندما كانت سيناء جزءاً من حملة دولية أخرى استهدفت العدوان الثلاثي على مصر، وشاركت فيه بريطانيا وفرنسا وإسرائيل، وبنفس الأسلوب اتجهت القوات الإسرائيلية إلي الطريق الحربي للوصول إلي قناة السويس والالتقاء بقوات فرنسا وبريطانيا للمشاركة في العدوان الذي اندحر بصلابة المقاومة المصرية والرفض العالمي لمنطق العدوان وأهدافه، فانسحبت القوات الإسرائيلية من سيناء إلي حدود مصر الدولية.

وبعد 11 عاماً من العدوان الثلاثى كانت سيناء هدفاً لإسرائيل في 5 يونيو عام 1967، ولم يكن ممكنا أن يخرج هذا الاحتلال الجديد من سيناء إلا بتضحيات كبري تمثلت في هزيمة مصر في 1967 ثم حرب الاستنزاف في عام 1969، وانتهت بهزيمة إسرائيل في حرب أكتوبر المجيدة عام 1973 والتي استعادت فيها مصر جزءاً غالياً من تراب سيناء ومهدت الطريق لاستعادتها عام 1982م من خلال اتفاقية كامب ديفيد للسلام بين مصر وإسرائيل، وتكررت المحاولات الإسرائيلية للاحتفاظ بجزء من سيناء هي طابا، الأمر الذي حُسم نهائياً بحكم هيئة تحكيم دولية في عام 1988 وعاد آخر شبر من أرض سيناء إلى مصر في مارس 1989، وهو مثلث طابا لتدخل سيناء بذلك مرحلة جديدة أملتها دروس هذا التاريخ الحافل بالأحداث.

 

 

فيروس مطربى المهرجانات .. ومحاربة الفن الهابط

د. أشرف رضوان يكتب لإبداع العرب

100 مليون مصرى ينتظرون قرار وزير الإعلام فى حال ظهور “نمبر وان” number one وهو اللقب الذى أطلقه الممثل محمد رمضان على نفسه على شاشات التليفزيون والفضائيات التى تمثل هيبة الدولة .. بالرغم أنه لم يوافق على الظهور فى التليفزيون من قبل، لأنه غير موجود على قوائم الشاشات التى تدفع بسخاء للضيوف من أجل استضافتهم. وفى الحقيقة أن القضية ليست فى رمضان الذى أصبح رمزاً للبلطجة وفساداً لمعظم الشباب بما يقدمه من إسفاف، ليس لأنه لا يمتلك أدوات التمثيل، ولكن المشكلة فيمن يستضيفه من السادة المذيعين أو الإعلاميين.

الإعلامى وائل الإبراشى تنقل فى الفترة الأخيرة عدة مرات من قناة إلى قناة حتى انتهى به الأمر فى التليفزيون المصرى الذى لم يفكر يوماً أن يقدم على شاشته برنامجا من قبل ولم يمثله فى أى وقت سابق .. ربما المسؤولين لديهم ما يبرر ظهوره على شاشات التليفزيون بما لديه من حضور إعلامي مميز. ولابد أن نعترف أن ما يجرى فى “ماسبيرو” هى حالة غليان نتيجة هذا القرار المستفز الذى أثار غضب إعلاميي ماسبيرو الذين استقبلوه بإحساس من المهانة وعدم التقدير لسنوات عمرهم التى قضوها فى خدمة الإعلام المصري. ومما زاد “الطين بلة” قرار استضافة “نمبر وان” كضيف لبرنامج وائل الإبراشى فى أولى حلقاته، وكأنه يتحدى حالة الغليان التى انتابت الناس مما يقدمه هذا الممثل من أعمال البلطجة وانتشار العنف بين الشباب، وتسبب فى النهاية بضياع مستقبل طيار من الصفوة المشهود لها بالكفاءة فى الطيران الحربى والمدنى وسحب رخصته، وهذا كفيل بتعاطف كافة الشعب المصرى مع هذا الطيار الذى حتى ولو أخطأ فمحاسبته ليس بجلوسه وسط أبناءه بالمنزل وسحب رخصته، ولكن بإعادة النظر فى هذا القرار المجحف، وبالتالى مناشدة واستجابة الشعب بمقاطعة هذا الفنان الذى حصل على نسبة كبيرة من المقاطعة عن طريق السوشيال ميديا بأنواعها.

 

 

 

 

 

 

والسؤال الذى يتبادر فى الأذهان: أين قرار وزير الإعلام من هذه المساوئ التى عمت الشعب المصرى. ومن جهة أخرى، شاهدنا رأى المطرب الاستعراضي سعد الصغير فى إحدى البرامج يوجه رسالة احترام وتقدير لقرار الفنان هانى شاكر نقيب المهن الموسيقية على قراره بمنع مطربى المهرجانات أمثال حمو بيكا وحسن شاكوش وغيرهم من الغناء بشكل نهائي وذلك بسبب ما يقدمونه من كلمات تحتوى على إيحاءات جنسية، ولم ينهى سعد حديثه إلا بعد أن توجه بسؤال للفنان هانى شاكر بأن ينقذ هؤلاء المطربين من الانسياق وراء الجريمة؟! وقال فى سؤاله ماذا يعمل هؤلاء بعد قرار التوقف عن الغناء؟ فهو بالنسبة لهم حماية من أعمال البلطجة التى كانوا يشاركون فيها ممن يطلب منهم المشاركة نظير عزومة! وهكذا كان رأى سعد الصغير، الذى كان أحد الذين كانوا يشاركون فى أعمال البلطجة أو “الخناقات” إلى أن أخذ طريق الرقص والغناء فى الملاهى الليلية والأفراح وأصبح نجم سينما. وأضاف الصغير بأن قرار منع هؤلاء المطربين سيكون له آثاره السلبية على كل من يعمل معهم من موسيقيين وغيرهم لأن دخلهم الأساسي يعتمد على تقديم هؤلاء المطربين إلى الجمهور وكأنها وسيلة إنقاذ. لابد من إصدار حكم رادع بقانون بعقوبة الحبس أو الغرامة لكل مطرب أو ممثل يتعمد استخدام الألفاظ الخادشة للحياء كوسيلة للربح السريع.. وهكذا يكون الردع والحفاظ على المكانة الفنية وحسم هذه المهزلة.

ضحايا “ريماس” برأس سدر يستغيثون بالنائب العام من أباطرة النصب العقارى

 

 

 

 

 

 

 

كتبت/ نورا أبو عوف

زادت عروض النصب والاحتيال على الناس ونهب أموالهم ومدخراتهم، وعدم التزام أصحاب القرى السياحية والاستثمار العقارى بمواعيد التسليم حسب بنود التعاقد مع الحاجزين منذ 6 سنوات، وعدم رد أموالهم، وحتى الآن لم توفق هذه الشركات أوضاعها أو قامت بتسليم الحاجزين الوحدات المتعاقد عليها أو أكملت خدمات المشروع المعلن عنها سابقا، ولم تقم بالتعاقد على إدخال المرافق العمومية من كهرباء ومياه وصرف صحي؟! فهل يرضى سيادة النائب العام بوقوع مزيد من الضحايا للنصب العقاري من نفس الشركة وصاحبها في هذا المشروع الكاذب المُسمى “ريماس” برأس سدر؟! كيف يُسمح لهذه الشركة ومالكها باستمرارها؟ هل الذوق العام أهم من ضياع مليارات الجنيهات من جهد وعرق الطبقة الوسطى وضياع المزيد من المدخرات بسبب شخص يستبيح أموالهم؟ هذا الشخص أساء إلى سمعة الاستثمار العقاري والسياحي والاقتصاد المصري وأحدث جرحاً بالغاً في قلب الطبقة الوسطى.

ها هي شركة “ريماس” السياحية تقف بقوة متحدية الجميع بصرف الملايين على إعلانات النصب وتسويق الوهم والخيال للإيقاع بضحايا جدد، فقد توهم الكثير من الملاك الحاليين والحاجزين في هذا المشروع الكاذب منذ 6 سنوات أن “إسحق جروب”، صاحب “ريماس”، سوف يقوم باستخدام تلك الملايين في بناء المشروع المتوقف منذ سنوات واستكمال البنية التحتية والتعاقد على إدخال المرافق العامة، ولكن للأسف فوجئنا بنفس أساليب الشركة وصاحبها باستكمال النصب والاحتيال لاستقطاب ضحايا جدد يتغذى على دمائهم ومدخراتهم لسنوات قادمة. وبسبب قوانين منتهية الصلاحية ومسئولين أغمضوا أعينهم متعمدين أو متجاهلين فساد وتقاعس عن تسليم ضحاياها مستحقاتهم من الشركة المذكورة، فقريبا سوف نرحب بضحايا جدد للمشروع الكاذب المسمى “ريماس” برأس سدر .. فمن يحمي هذا الرجل؟! فقد تخطى هؤلاء أباطرة النصب العقارى مراحل القوة التى لم يستطع أحد ردعها. وما نحن فيه الآن يمثل ظاهرة فى عالم الجبروت التى لم يسبق لها مثيل من سيطرة بعض المستثمرين بمدينة رأس سدر على القرى السياحية وابتكار نظام قهرى بمباركة هيئة التنمية السياحية بأسلوب جديد فى عالم النصب والاحتيال، وبعد وقوع الفريسة أو المالك فى براثن هؤلاء المستثمرين بالوعود البراقة ويظل يسدد أموالا كثيرة على أقساط شهرية أو ربع شهرية يقابله خدمة العملاء بعد أعوام من السداد والتأخير فى التسليم ليعلنوا عدم الاستمرار فى التعاقد وعليه ان يسترد المبلغ المدفوع على أقساط بنكية التى يتضح أنها بدون رصيد، ثم تبدأ رحلة العذاب وطرق أبواب المسئولين دون جدوى ولا مبرر واضح لهذا التجاهل. وحتى الآن يدور الملاك المتضررين فى دائرة من العذاب مع هؤلاء المستثمرين الذين لم يكن لديهم النية لبناء القرى وإنما قاموا بشراء الأراضى من أجل النصب والاحتيال. وبعد أن فقدنا الأمل فى الفوز على هؤلاء المستثمرين، ألم يكن من المناسب أن يتدخل النائب العام والجهات المعنية فى علاج تلك المشكلة من جذورها وتسليم هؤلاء الضحايا مستحقاتهم فى تلك القرية المشبوهة؟

فى هذا السياق، ونقلا عن “النبأ الوطنى” فى 12 يوليو 2019، فقد أعرب أكثر من ٢٠٠٠ أسرة من متضرري قرية “ريماس جولف بارك” عن استيائهم من مالك شركة إسحاق جروب، وذلك بعدما اكتشفوا أنهم ضحايا لعملية نصب كبيرة من صاحب هذه المجموعة. فقالت إحدى المتضررات: “نحن أكثر من ٢٠٠٠ أسرة أنفقنا أموالنا على قرية وهمية بعد إيهامنا بامتلاك شاليهات بقرية “ريماس”، بمنطقة عيون موسى السياحية، قطاع رأس سدر السياحي، خليج السويس، بالكيلو ٢٠ طريق نفق الطور، ولم يستلم أحد الشاليه الخاص به”.

وتعاقد أحد الضحايا مع شركة “إسحاق جروب” متمثلة في صاحبها إبراهيم إسحاق وهو منتج فيلم “الخلية”، وقال: “تم التعاقد بيننا في ٢٠١٣ على شاليه مساحته ٦٥ متراً في المرحلة الثانية بمبلغ ١٣٢ ألف جنيه، على أن يكون الدفع بالتقسيط، والتسليم في ٢٠١٦، وفي عام التسليم فوجئت بأن الشركة تطالب بتأجيل الميعاد، وقمت بتقديم شكاوى، فقامت الشركة بمطالبتي بدفع مبلغ ٢٠ ألف جنيه للمرافق لكي يقوموا بتسليم الشاليه، وبعد المفاوضات دفعت، ولكن الشركة امتنعت أيضا عن التسليم”. وتابع: “في النهاية طلبوا دفع مبلغ ٧٥ ألف جنيه زيادة عن مبلغ ثمن الشاليه، بحجة أن الأسعار ارتفعت، وهذا فرق سعر، وبالطبع هذا المبلغ غير متفق عليه في أي عقد، وحتى الآن لم استلم الشاليه”.

 وقال آخر: “كل أسرة لها شكوى مختلفة، فقد طلبت منهم تغيير الشاليه باسمي، بدلا من اسم زوجتي، فطلبوا دفع مبلغ المرافق أولًا، لكي يتم التغيير، مع العلم بأننا دفعنا من قبل وبعد إلحاح وعلى أمل الاستلام، اتفقوا معي على دفع هذا المبلغ، لتحقيق طلبى، وبالفعل قمت بالدفع فغيروا الاسم فقط، ثم طالبوني بمبلغ فوق الـ٧٠ ألف جنيه زيادة عن مبلغ الشاليه لكي استلمه، وبالتالي رفضت الدفع وحتى الآن لم اتسلم الشاليه”.

 فى السياق ذاته قال محمد عبد اللطيف: “تعاقدت معهم في ٢٠١٣ على شاليه بالمرحلة الرابعة، على أن يتم الاستلام في ٢٠١٦، ولكن حتى الآن لم يتم بناء المرحلة الرابعة، بل يطالبونني بدفع مبلغ فوق المبلغ المتعاقد عليه حتى يستطيعوا البناء، رغم مرور هذه السنوات”.

إدارة ترامب الفاشلة .. وأباطرة القرى السياحية فى رأس سدر

 

كتبت/ عائشة حسن

أثبتت الإدارة المصرية بقيادة الرئيس السيسى بأن مصر تختلف عن سائر الدول بتاريخها العريق. فقد أدار الرئيس السيسى ملف المعونة الأمريكية بذكاء، وأعطى درساً قاسياً للرئيس الأمريكى دونالد ترامب الذى يجهل تاريخ مصر وتناسى أنه يلعب مع رجل شديد الذكاء والإخلاص لوطنه والذى استطاع أن يحول الضغط والتهديد الأمريكى بقطع المعونة الأمريكية إلى ضغط مصرى يهدد العلاقة مع أمريكا. فقد قامت الإدارة المصرية بإعلانها أخبار عن صفقة الطائرات الروسية سوخوى 35 التى تعتبر أقوى من صفقة الطائرات الأمريكية إف 35 التى رفضت أمريكا بيعها لمصر حتى لا تنافس إسرائيل، وحتى لا تتخطى قدراتها فى مجال الطيران الحربى، وأضاف أحد الأعضاء فى مجلس الشيوخ الروسى أن المحاولة الأمريكية لفرض عقوبات على مصر فى حال إتمام صفقة الطائرات الروسية يُعد مخالفا للاتفاقات الدولية لتجارة الأسلحة، ومن حق روسيا أن تبيع الأسلحة لأى دولة طبقا لهذه الاتفاقية. فالطائرات الروسية سوخوى 35 تتفوق على الصفقة الأمريكية إف 35 مما يثير غضب أمريكا وإسرائيل، الأمر الذى دفع ترامب عن طريق وزيرا الدفاع والخارجية إلى استخدام آخر ورقة فى اللعب لديهم متوهمين أنها سوف تُخضع مصر لكى تعود أدراجها عن ما تعتزم القيام به نحو شراء الطائرات الروسية، وقد لوحت الإدارة الأمريكية بقطع المعونة الأمريكية عن مصر وكأنهم يتعاملون مع دولة ضعيفة لا تملك حق القرار. ولكن فى الوقت الذى أعلنت فيه الإدارة الأمريكية عن هذا التصريح كانت مصر فى طريقها إلى عقد اتفاق مع الصين على توفير قطع غيار للطائرات الأمريكية التى تهدد أمريكا بقطعها عن مصر، وبذلك تكون مصر قد تحررت من القيود الأمريكية بقيادة ترامب.

وقد تغيرت طريقة اللعب، وفقدت الإدارة الأمريكية أعصابها بعد القرار المصرى بتنوع مصادر التسليح للخروج من عباءة أمريكا، لأنها تريد أن تكون إسرائيل هى أقوى دولة فى منطقة الشرق الأوسط. والغريب الذى أن الرئيس ترامب أكد إصراره على اللعب بطريقة الغطرسة المعهودة عنه بعدما فشل مع السيسى الذى أحبط مخططاته بمحاولة استخدام الملف الدينى المتطرف كطريقة للتدخل فى شئون مصر ولم ينجح مثلما فشل ما سبقوه.

تحية إعزاز وفخر للرئيس السيسى وصقور الأمن الذين أعطوا درسا للعالم عن كيف تدار السياسة المصرية، وكيف تتحول أوراق الضغط إلى الطرف الآخر. وهذا الأمر جعلنى متفائلا بأن مصر لا تزال لديها القدرة على عمل المستحيل ألا وهو سيطرة الحكومة على بعض أباطرة النصب العقارى فى رأس سدر الذين يستغلون الظروف التى تمر بها مصر فى الملفات الخارجية للنيل من الشعب الذى يطمع فى نظرة اهتمام للحفاظ على حقوقه من هؤلاء الأباطرة. فقد طرق متضررى القرى السياحية فى رأس سدر جميع الأبواب من أجل سماع المسئولين لشكواهم والعمل على حلها دون جدوى. فكيف يتهاون المسئولين عن ملف الاستثمار والسياحة والنصب العقارى فى إدارة ملف أباطرة القرى السياحية فى رأس سدر حتى الآن؟!

ضحايا النصب والاحتيال العقارى يصرخون: أين دور الأجهزة الرقابية لإنقاذ ضحايا الاستثمار العقارى؟

 

تقدم المتضررون ببلاغات ضد صاحب مشروع “ريماس” برأس سدر يتهمونه بالنصب ولكن “لا حياة لمن ننادى”

بقلم/ نورا أبو عوف

 

تُقاس قوة الجيوش بمدى سيطرتها على العدو وخاصة “الإرهاب”، والجيش المصرى يُعد من أبرز وأقوى الجيوش سيطرة على الإرهاب، وتأتى هذه القوة نتيجة عدة عوامل أهمها النظام والانضباط والنزاهة. وتُقاس قوة الحكومات بعدة عوامل أيضاً أهمها محاربة الفساد والنزاهة والشفافية والسيطرة على الأسعار. ولكن هناك فساد متوغل فى قلب الدولة له جذور عميقة تزيد على الثلاثون عاماً، ولم تستطع الجهات المسؤولة السيطرة عليه حتى الآن، وذلك نتيجة غياب الأجهزة الرقابية على أداء بعض الهيئات والوزارات المسؤولة عن منح التصاريح للمستثمرين للبدء فى تنفيذ مشروعاتهم. فالأجهزة الرقابية لم تتخذ أى إجراءات رادعة ضد كل من يتواطأ مع أى مستثمر فاسد يحاول التلاعب بالمواطنين الذين يقعون ضحايا الحجوزات الوهمية.

فكثيرة هى الاستغاثات والنداءات للمسؤولين دون جدوى، مما يؤكد صحة نظرية التآمر بين الجهات التى تصدر التصاريح (التراخيص) والمستثمر الفاسد ضد المواطن الشريف (الضحية). فالاستثمار العقارى يُعد من أبرز ظواهر الفساد، وخاصة فى بعض القرى السياحية المنشأة فى رأس سدر بجنوب سيناء. فهذه المنطقة أصبحت لغزاً لم يستطع أحد الوصول لحلها حتى الآن رغم الاستغاثات المتعددة المنشورة فى الكثير من الجرائد والمواقع الإلكترونية من جهة المتضررين والموجهة لأكبر رؤوس فى الدولة من أجل إنقاذهم من نصابى الاستثمار العقارى ولكن “لا حياة لمن ننادى”. وهذه ظاهرة خطيرة للغاية ومؤشر يعطى شعوراً بالقلق حيال هذه المنطقة التى تعتبر خارج نطاق سيطرة الدولة، والدليل على ذلك أن لا أحد من المسؤولين يستطيع إنقاذ هؤلاء الضحايا من براثن المستثمرين النصابين الذين يساندهم مسؤولين كبار فى الدولة، فقد اعتبروا أن رأس سدر دولة داخل دولة ولها حصن منيع لم تستطيع أجهزة الدولة اختراقه، خاصة أن شخصيات من حاجزى الشاليهات فيها من ذوى المراكز المهمة فى الدولة، ومع ذلك لم يستطيع أى منهم أن يأخذ حقه من هؤلاء العصابات المحمية. فنحن حاجزى الشاليهات نعانى من شدة الألم واليأس والإحباط الذى أصابنا جميعا ليس بسبب عدم وصول الحق لأصحابه ولكن بسبب ما وصلت إليه الحكومة من ضعف أمام بعض المستثمرين الذين يعتبرون أنفسهم فوق القانون وليس هناك من يوقف هذا الهراء. وأخيرا أتمنى أن تحقق الجهات الرقابية المسؤولة فى الحكومة فى هذه الواقعة ليعود الحق لأصحابه، وتثبت أن لا أحد فوق القانون.

إهمال المسؤولين .. والبلطجة القاتلة (بقلم/ د. أشرف رضوان)

استكمالا لرصد أزمة حقيقية يجب أن تتوافر معالجتها قبل فوات الأوان، ظاهرتين كل واحدة منهم تودى بحياة أجيال وهما: التمثيل والبلطجة، والتقليد الأعمى لشخصيات البلطجية فى الأفلام، حيث جاء المثل الأعلى واحتل الفنان “محمد رمضان” مكانة القدوة فى البلطجة، كما شاهدناه فى “عبده موتة، والألمانى، وفارس الجن، وقلب الأسد”، وكسب بها شعبية كبيرة جداً، لكنه يستغلها فى الهبوط بالمستوى الأخلاقى.

وزاد على ذلك ما تسبب فيه محمد رمضان من واقعة الجلوس فى كابينة إحدى الطائرات الخاصة والعبث فى الأجهزة الخاصة بالقيادة، وكانت النتيجة أنه تم إلغاء رخصة الطيار قائد الرحلة التى كان على متنها الممثل النابغة وسحبها مدى الحياة، وعدم توليه مستقبلاً أى أعمال تخص الطيران المدنى سواء إدارية أو فنية، وسحب رخصة الطيار المساعد لمدة عام. هذا بالإضافة إلى تقديم الاستقالة من رئيس مجلس إدارة شركة الطيران الخاصة التى تتبعها هذه الطائرة، وقد تم قبولها من الفريق يونس المصرى وزير الطيران المدنى.

ومما لاشك فيه أن لدينا أزمة حقيقية فى شخصيات مسئولة فى الدولة لم تكن لديهم الجرأة فى اتخاذ القرار فى الوقت المناسب، ربما يرجع لضعف فى شخصيته، أو عدم الفهم، وربما ترتبط بالمصالح الشخصية. وفى كل الأحوال لابد أن نلقى اللوم على الأجهزة المسئولة التى يتم عن طريقها اختيار هؤلاء المسئولين قبل إسناد المناصب الحساسة إليهم. فمستقبل الوطن يوضع بين أيديهم، ومنهم من يتعامل مع الملفات المهمة باستهتار دون أية رقابة أو محاسبة. ويدفعنا هذا إلى سؤال وزيرة الثقافة التى تصدر تصاريح الأفلام من خلالها وبموافقتها، هل هى راضية عن نوعية أفلام محمد رمضان؟ التى تربى عليها أجيالا جديدة يحمل البعض منها فى جيبه مطواة، والبعض الآخر سيفا، ولنا مثال على ذلك فى حادثة محمد راجح الذى قتل بدم بارد أحد الشباب بمطواة بسبب معاكسته إحدى الفتيات وبمساعدة ثلاثة من أصدقائه لأنه أسدى له نصيحة بعدم التحرش ومعاكسة الفتاة. لقد استشعرت بناقوس الخطر يدق على أبواب الشارع المصرى بعد هذا الحادث الأليم الذى راح ضحيته شاب تمسك بالتقاليد المحترمة وأبى أن يكون ضمن ضحايا محمد رمضان ودفع مقتله ثمنا لشهامته. الكثير من الغاضبين علقوا المسؤولية على عاتق الآباء متهمين إياهم بالتقصير فى تربية أبناءهم والتى أدت فى النهاية إلى هذا العبث ولكننى أصر أن التربية وحدها لا تكفى وإنما لابد من حماية أبناءنا من الأفلام الهدامة التى تأخذ مجتمعنا إلى القاع، وأن نرتقى بالفكر لكى نُنشئ جيلا يعرف معنى النخوة والشهامة، حتى نحمى أجيالنا القادمة من هذا الفكر الخطير الذى يتمثل فى أدوار البلطجة.

كما أن هناك مسئولون آخرون ليس لديهم الجرأة فى اتخاذ القرار مثل وزيرة التضامن الاجتماعى التى رفضت صرف العلاوات الخمس رغم موافقة السيد الرئيس على صرفها، ووزيرة السياحة التى اعتاد أن يقف على أبواب وزارتها آلاف الضحايا من متضررى شركات النصب العقارى دون استجابة أو تقديم أية حلول، وكأنها تسعد بانتظار الضحايا على أبواب وزارتها لإشباع رغبتها فى الإحساس بأهمية منصبها الرفيع! وكأن إهمال الضحايا وتركهم فريسة للنصب دون تدخل المسئولين أمر طبيعى، وعليهم اللجوء إلى القضاء. يأتى هذا فى الوقت الذى يكرس فيه السيد الرئيس كل مجهوداته ووقته من أجل رفعة هذا الوطن، ولكن كيف لنا أن نرتقى بهذا الوطن وبه مسئولين لا يعنيهم مشاكل المواطنين، ولا يفكرون بأن الكرسى الذى يجلسون عليه ليس دائم وعلى زوال؟.

المتضررون من حاجزي “ريماس إسحق جروب” برأس سدر

لمن نشتكى .. لقد فاض الكيل ولم يسعفنا أحد

بالمقلوب .. نداء إلى الحكومة .. ادعموا الفساد فى قرى رأس سدر

______________________________

كتب/ قبطان شحتة قورة

كثيرة هى الاستغاثات التى طالبنا بها الحكومة من أجل إيقاف نزيف الاستغلال الناشىء عن فساد بعض القرى السياحية فى رأس سدر، ولم تبقى سوى استغاثة واحدة يجب أن أعلنها ربما تسبب إحراجا للمسئولين الذين فقدنا الثقة فى بحثهم عن المشاكل التى تخص مواطنين تلاعب بهم مالك لقرى سياحية واستنزف أموالهم بالباطل ولم يتحرك أحد بعد عرض شكوانا واستغاثاتنا لأكثر جهة رسمية بعد نشرها بالصحف والمجلات والمواقع الإلكترونية على مدى  6 سنوات تقريبا، ولكن لا حياة لمن ننادى.

وسوف أعلن استغاثتى الباقية كأحد المتضررين من الشركة المذكورة، ومن باب التجربة الكوميدية التى قد تؤتى ثمارها طالما صيغت بشكل غير تقليدى، فأنا أطالب الحكومة بدعم الفساد لشركات الفساد التى لم يستطيع أحد من المسؤولين التصدى لها ومحاربتها، بل وأكثر من ذلك تهرب المسؤول من الإدلاء بأى رأى فى هذا الفساد. لذلك قررنا اختصار الوقت المهدر فى فك هذه الشفرة أو اللغز وفضلنا أن نخاطب الحكومة بالمقلوب .. فأحيانا لا تستوعب العقول الكلام الطبيعى ربما لأنه تقليدى ومكرر، وفى هذه الحالة سوف يتم تهميشه. وقد استوحيت الفكرة من حال الفن الهابط فى مصر. فمنذ التسعينات حدث سباق غير عادى من بعض المطربين والمطربات لعرض أغاني هابطة لا ترتقى إلى أذان المستمع الراقى، وقد قوبلت هذه الموجة الغنائية الغريبة باستنفار البعض وترحيب من البعض الآخر إيمانا منهم بأنه فن العصر الحديث لما يحتويه من خفة بالألحان والأداء السريع، ثم موجة أخرى من الأفلام الهابطة التى سُميت بظاهرة أفلام محمد رمضان الذى استطاع أن ينشىء جيلا من البلطجية تيمنا بأفلامه التى فرضت نفسها بمنتجيها الجهلاء. وقد أُشيع بأن هذا الهبوط مقصود ويتم تمويله من بعض الدول للنيل من حضارة مصر وثقافتها. وهذا الأمر جعلنا نفكر كثيرا فيما يحدث الآن على أرض سيناء، وخاصة مدينة رأس سدر التى تمثل أحد المناطق المهمة لجذب الاستثمار السياحى نظرا لموقعها المتميز. وقد احتكر الكثير من هذه الأراضى لغرض بناء قرى سياحية بعض الحيتان من المستثمرين الذين تخطوا جميع الخطوط الحمراء بلا حساب. والغريب فى هذا الشأن أن هناك تكتم شديد من الحكومة على ما يحدث من أمور للنصب من بعض الشركات المعروفة. والأغرب هو موقف مجلس النواب الذى أدار ظهره لهذه القضية، فقد تقدم الآلاف من المتضررين إلى الجهات المسئولة لمحاولة إيجاد حلول جذرية لوقف هذه المهزلة فى بعض قرى رأس سدر دون جدوى. الأمر الذى دفع المتضررين إلى اللجوء إلى الصحافة والإعلام لإنقاذهم بنشر الكثير من الاستغاثات ولكن لا حياة لمن ننادى. فتذكرت على الفور ظاهرة الغناء الهابط التى فرضت نفسها والأفلام الهابطة التى أصبح ممثلوها قدوة للشباب هذه الأيام، فأيقنت أنه لابد من التطور لمواكبة العصر، فكان لزاما أن نستبدل كلمة حاربوا الفساد فى قرى رأس سدر إلى دعموا الفساد فى قرى رأس سدر ربما نجذب انتباه الحكومة الموقرة بأن هناك شىء غير تقليدى يطالب به المتضررين، لعل الحكومة تستمع إلى مطالبهم تتدخل لحل المشكلة، وفى هذه الحالة تثبت صحة النظرية بأن الحكومة لا تستوعب سوى الكلام المقلوب.

 

المؤرخ الكبير د.عاصم الدسوقي: مصر تواجه حربا شرسة ضد إرهاب أسود لا يُبقي ولا يذر

 

  • البطولات التي حققتها القوات المصرية شهد بها القاصي والدانى بما فى ذلك إسرائيل.
  • عندما بلغت حرب الاستنزاف ذروتها تدخلت أمريكا لتهدئة الجو ولطمأنة إسرائيل.
  • خبر الهجوم المصري- السوري المشترك وصل إلى جولدا مائير من خمس عواصم عالمية منها عاصمة عربية.
  • الرئيس نيكسون قال لجولدا مائير: لن نقف مع الذي يبدأ بالعدوان.
  • دول النفط العربية استخدمت سلاح البترول فى الحرب ببراعة.

حوار:

سمير محمد شحاتة

صلاح غراب

تأتـى الذكرى السادسة والأربعون لحرب أكتوبر المجيدة وسط تحديات عظيمة، واضطرابات كبيرة، حيث تواجه مصر حربا شرسة ضد إرهاب أسود أطل برأسه لا يُبقى ولا يذر، ويمور الإقليم من حولها مَوْرا.. الكل منكفئ على ذاته، مهموم بمشاغله ومشاكله، فتأتى ذكرى أكتوبر المجيدة لتذكر العرب بماضيهم المجيد، وعزهم التليد، حيث جمعتهم من تفرق، ووحدتهم بعد تشتت، وأعزتهم بعد ذل، الكل وقف صفا واحدا كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا. لاستخلاص الدروس، واستلهام العبر، واسترجاع الذكريات، كان هذا الحوار مع د. عاصم الدسوقى، أستاذ التاريخ الحديث بآداب حلوان، ومؤسسها وعميدها الأسبق، وعضو الجمعية التاريخية المصرية.

-بداية، ما هى الظروف التى هيأت لقيام حرب أكتوبر المجيدة؟

تتلخص الظروف في ضرورة التخلص من آثار عدوان إسرائيل على مصر في الخامس من يونيو 1967، وكان هذا الأمر قد تم الإعداد له فيما أطلق عليه الرئيس عبد الناصر “حرب الاستنزاف” (بدأت أول طلقة فيها سبتمبر 1968) حين قال: “قد لا أكون قادرا على شن حرب تحرير شاملة ضد إسرائيل حاليا، ولكنى سوف أقوم بإزعاجها وإقلاقها في كل وقت حتى يتم إجهادها”. وفي هذا المنعطف، تم وضع الخطة “جرانيت” لشن حرب التحرير الشاملة ضد الاحتلال الإسرائيلي. ولأن حرب الاستنزاف أشبه بحرب العصابات، حيث لم تكن إسرائيل تعرف من أين تأتيها الضربة، وفي أي وقت، فقد انزعجت إسرائيل لأنها اضطرت إلى استدعاء الجيش الاحتياطي مما كان له تأثيره السلبي فى الإنتاج، حيث كان الجيش الاحتياطي يأتي من مواقع الإنتاج في المزارع أو المصانع. وعندما بلغت حرب الاستنزاف ذروتها، تدخلت الولايات المتحدة لتهدئة الجو، ولطمأنة إسرائيل بناء على معاهدة التحالف بين الطرفين في عام 1951 الخاصة بمسئولية أمريكا عن حماية أمن إسرائيل، والدفاع عنها. وبهذه المناسبة، فإن أمريكا، أو الأمم المتحدة، أو أى دولة كبرى لا يمكن أن تقدم مبادرة من المبادرات بشأن الصراع العربي-الإسرائيلي إلا إذا كانت لمصلحة إسرائيل، ويخطئ من يظن غير ذلك. ومن هنا، جاءت مبادرة روجرز في يوليو 1970 لوقف القتال لمدة ثلاثة أشهر، وقبلتها إسرائيل المجهدة من حرب الاستنزاف، وقبلها عبد الناصر، ورأي فيها فرصة لتحريك شبكة الصواريخ في جو آمن. ومات عبد الناصر قبل أن تنتهي الأشهر الثلاثة تاركا الخطة “جرانيت”.

-لك قول مفاده أن حرب أكتوبر كانت مدبرة بين السادات وأمريكا، فما هى الأدلة التى استندت إليها؟

عندما تقرأ مذكرات أشرف غربال (نشرتها الأهرام في عام 2004)، والذي كان رئيس بعثة المصالح المصرية في أمريكا، بعد قطع العلاقات الدبلوماسية مع أمريكا بسبب موقفها من عدوان إسرائيل في يونيو 1967، سوف تجد أنه يقول: قبل بدء عمليات أكتوبر بأسبوع، وفي 30 سبتمبر 1973، دعا السادات لاجتماع في بيته بالجيزة حضره خمسة عشر واحدا من كبار المسئولين، بينهم أشرف غربال، فيما يعد مجلس الأمن القومي الموسع. وفي هذا الاجتماع، قال السادات إن القيام بعمليات عسكرية من شأنه أن يحرك القضية، وتكون بمثابة دقات إنذار تُشعر إسرائيل وأمريكا بأن موقفنا جدي من تحرير الأرض. وفي هذا الاجتماع، قال أشرف غربال العائد من واشنطن بعد خمس سنوات هناك “إن الحرب ستكون قصيرة المدى، إذ إن الدولتين العظميين لن تتركا الوضع يتفاقم بين الطرفين، وستعملان على حصرها فى حدود (ص 91) .. وأنه في حالة قيام الحرب، ستكون لتحرير أراض محتلة، وليس الأراضي المحتلة، لأن الخط الذي ستصل إليه القوات المصرية سيكون هو الخط الذي تبدأ عنده المفاوضات، سواء كان على حسابنا أم على حساب العدو” (ص 92).

ومن هنا، تم تعديل الخطة “جرانيت” التي وضعها عبد الناصر، وأصبح اسمها “جرانيت 1” ، ووضع السادات خطة جديدة باسم “جرانيت 2” تقوم على أن الحرب تكون حرب تحريك، وليس حرب تحرير. وكان هذا سبب قيام السادات بعزل الفريق محمد أحمد صادق، وزير الدفاع، الذي قال إنه لا يفهم حرب تحريك، وإنما يفهم شن حرب شاملة حتى يقف عند الممرات.

-ولكن الرئيس السادات قال ذلك صراحة فى خطابه الشهير ما مفاده أن  حرب أكتوبر كانت لتحريك الموقف؟

لقد صدق السادات في هذا، لكنه كان يمتثل لرأى أمريكا التي أبلغته إياه عن طريق شاه إيران، ومفاده أن الحل الجزئي مع انسحاب إسرائيلي، أيا كان مداه، أفضل من بقاء الوضع على ما هو عليه. كما أبلغته عن طريق رئيس رومانيا (شاوشيسكو اليهودي والذي له أخ يعيش في إسرائيل) أن الحل الشامل يكمن في مفاوضات مباشرة مع إسرائيل، على أن تحرر مصر نفسها من قيود المشكلة الفلسطينية.

-إذا كانت حرب أكتوبر متفقا عليها بين السادات وأمريكا، فهل كانت إسرائيل لا تعلم بهذا؟

ورد فى مذكرات عبد المنعم واصل، قائد الجيش الثالث في حرب أكتوبر، أن الأوامر صدرت للجيش بالعبور، وتم ذلك بنجاح منقطع النظير، ثم صدرت الأوامر بالوقوف، وعدم مواصلة القتال، وهذا هو معنى حرب للتحريك وليس للتحرير. ويذكر والتر بوين في كتابه “حرب الساعة 2” بالإنجليزية، الصادر في سبتمبر 2002 ، وهو طيار في سلاح الجو الأمريكي، وكان من قوات الجسر الجوي التي قدمتها أمريكا لإسرائيل في 15 أكتوبر (1973)، واعتمد في كتابه على وثائق كثيرة، منها المحادثات التليفونية، واللقاءات الثنائية. وخلاصة ما جاء فى كتابه، وكتاب عبد المنعم واصل، وكتاب أشرف غربال، وكتاب إبراهيم كامل وزير الخارجية “السلام الضائع”، وكتاب محمد حسنين هيكل “أكتوبر السلاح والسياسة”، المزود بعدد هائل من الوثائق الأمريكية، تنتهي إلى ما يأتي:

أن خبر الهجوم المصري- السوري المشترك وصل إلى جولدا مائير، رئيس حكومة إسرائيل، فجر السادس من أكتوبر من خمس عواصم عالمية، منها عاصة عربية، ويقول “إن الهجوم سيتم قبل نهاية نهار يوم 6 أكتوبر”، فقامت جولدا مائير بجمع مجلس الحرب في الفجر، وقالت لهم الخبر، وطلبت المشورة، فقال إيجال آللون: نقوم بضربة وقائية مثلما حدث يوم الخامس من يونيو 1967، فرفضت جولدا، وقالت نخبر الرئيس نيكسون، فقال لها نيكسون: لن نقف مع الذي يبدأ بالعدوان. وعندما عبرت القوات المصرية قناة السويس، وحطمت خط بارليف، جاءت الأوامر لها بالتوقف، وهنا اتصل السادات بهنري كيسنجر، وزير خارجية أمريكا، قائلا: إنه لا ينوي تطوير القتال، فقام كيسنجر بإبلاغ الخبر إلى جولدا مائير، فأصدرت أوامرها للطيران الإسرائيلي بعدم التوغل في الأراضي المصرية.

-هل معنى ذلك أن إسرائيل لم تطلب العون من أمريكا بعد توقف الجيش المصرى؟

أمريكا بدأت تفكر في مد جسر جوي لمساعدة إسرئيل تحسبا لتقدم الجيش المصري بعد التوقف، وكان ذلك فى العاشر من أكتوبر، وكان تنفيذ هذا الدعم العسكري يتطلب توقف الطيران الحربي الأمريكي الذي يحمل الرجال والعتاد في محطة أوروبية للراحة، قبل مواصلة الطيران إلى إسرائيل. غير أن دول حلف الأطلنطي رفضت السماح بنزول الطيران الأمريكي في أراضيها خوفا من سلاح البترول الذي استخدمته دول النفط العربية في الحرب ببراعة. لكن أمريكا وجدت ضالتها في البرتغال، وهي عضو في حلف الأطلنطي، وتحصل على احتياجاتها من النفط من أنجولا، مستعمرتها السابقة في غرب إفريقيا، فنزل الطيران الأمريكي في جزر الأزور (البرتغالية) في المحيط الأطلنطي للراحة، ثم واصل طيرانه في الأجواء الإقليمية للمغرب، والجزائر، وتونس، وليبيا، ومصر إلى إسرائيل، دون أن تتحرك أي من تلك الدول أو تحتج. ثم حدثت الثغرة (الدفرسوار في الإسماعيلية) حين عبرت قوات إسرائيلية من الضفة الشرقية إلى الضفة الغربية لقناة السويس، فأصبح هناك تكافؤ في الموقف: الجيش المصري في الضفة الشرقية، والجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية (الدفرسوار)، وساعتها أعلنت جولدا مائير أنه لا منتصر ولا مهزوم. وعندما كتب محمد حسنين هيكل مقالته الأسبوعية في الأهرام، بعد فض الاشتباك وفي يوم 2 أكتوبر 1974 تحت عنوان “حالة اللا نصر واللا هزيمة”، ووضع خريطة لقناة السويس على يمين الصفحة، ووضح عليها بالأسهم عبور الجيش المصري إلى الضفة الشرقية، وعبور الجيش الإسرائيلي إلى الضفة الغربية (الإسماعيلية) بما يعنى التكافؤ في الموقف، تم خلعه من رئاسة الأهرام بعدها بيومين.

– ألا ترى أن اعتقادك بتدبير حرب أكتوبر يُنقص من الدور العسكري المصري في النصر؟

هذا غير حقيقي.. لا أحد يشكك في البطولات التي حققتها القوات المصرية على الإطلاق، والتي شهد بها القاصي والداني، بما فيها إسرائيل. لكن المشكلة أن التسوية السياسية التي قام بها السادات، ابتداء من زيارة الكنيست الإسرائيلي (19 نوفمبر 1977)، وانتهاء بتوقيع معاهدة الاعتراف بإسرائيل (26 مارس 1979) أضاعت النصر والبطولات التي حققها الجيش المصري. وهنا، أتذكر أن أحد لواءات الجيش الثالث، لا أتذكر اسمه، قال في محاضرة عامة، كنت أحد الذين حضروها، إن السادات كان يجمع قادة الجيش، ويقول لهم: عاوزكم تعدوا القناة وتمشوا شبر أو شبرين وتقفوا وسيبولي الباقي سياسة.

تتداول التقارير أن كيسنجر كان اللاعب الرئيسى في تلك الحرب، خصوصا في محاولة التمويه عليها، وإخفاء حقيقتها، كيف ذلك؟

هذا حقيقي، فقد قال كيسنجر في مذكراته إنه جاء لمقابلة السادات بعد قبوله وقف إطلاق النار والهدنة. وكان اللقاء في قصر القبة (7 نوفمبر 1973). وعندما خرج من هذا اللقاء، قابله صحفى أمريكى، وقال له: ما الذي تم في اللقاء؟ فقال كيسنجر: أقول لك وماتقولش لحد: لقد فاجأني السادات بحجم التنازلات التي هو على استعداد لتقديمها، فقال: إن السادات قال له إنه يريد أن يتخلص من ميراث ناصر في المنطقة Legacy of Nasser.. وميراث ناصر يعني العروبة، وقضية فلسطين في القلب منها، لكن العرب لن يؤيدوه، فأبدى كيسنجر استعداده لتقديم ما يحتاج إليه من مساعدات لتحقيق هذا الهدف الذي هو هدف أمريكي-إسرائيلي. فما كان من الصحفي إلا أن نشر هذا الحديث، وهذا ما كان يقصده كيسنجر، إذ لا يعقل أن تقول لصحفي مهمته البحث عن الأخبار: اقولك ومتقولش!! غير أن السادات قرأ هذه الصحيفة فغضب غضبا شديدا. فلما التقى كيسنجر مرة أخرى وعاتبه، نجح هنري في الإفلات، وقال له “دا صحفي مش متربي وأن له من اسمه نصيبا في لغتكم (العربية)، وكان الصحفي اسمه ريتشارك كالب، فقال إنه كلب، فضحك السادات، وبلع المكيدة. فلما كتب السادات مذكراته “البحث عن الذات”، ذكر هذ اللقاء بصورة مغايرة، إذ قال: ولما جاء كيسنجر هنا، هددته بتطوير القتال إذا لم تنسحب إسرائيل من الدفرسوار. لكن سير الأحداث التالية يثبت صحة رواية كيسنجر، وليس رواية السادات.

 

-ما حقيقة ثغرة الدفرسوار والخلاف بين السادات والشاذلى فى هذا الشأن؟

من المصادر السابقة التي أوردناها، فالثغرة عبارة عن عبور قوات إسرائيلية إلى الضفة الغربية في المساحة الفاصلة بين الجيشين الثاني والثالث. وحدثت عندما قرر السادات تطوير القتال فتم سحب الجيشين، وكانا يلتقيان عند الدفرسوار، فأصبحت المنطقة عارية، والتقطتها طائرات التجسس الأمريكية، وأبلغت إسرائيل بذلك، فجاء احتلال إسرائيل للتهديد بعدم مواصلة القتال. ولما حدث هذا، اقترح الفريق سعد الين الشاذلي سحب أربع كتائب من الجيش المصري في الضفة الشرقية، وحصار القوات الإسرائيلية، وينتهي الأمر، لكن السادات رفض هذا. وكان الموقف برمته جزءا من ترتيب حرب التحريك وليس التحرير، تمهيدا للتفاوض والاعتراف بإسرائيل، والتخلي عن فلسطين.

-ألا ترى أن الثغرة حدثت بفعل تطوير الهجوم، وأن نظرية السادات فى التحريك كانت أفضل؟

كل هذا يصب في خانة حرب التحريك وليس التحرير. لقد قال والتر بوين المشار إليه أعلاه : إن هذا أول مرة أرى حربا يقف فيها الذي هاجم بعد عبور المانع المائي، ويقول للعالم: إلحقوني، وما هذا إلا التحريك وليس التحرير.

-المشير الجمسى قال إن الثغرة انتهت إلى استنزاف إسرائيل بعد أن أصبحت محاصرة بالقوات المصرية، كيف ذلك؟ 

الوقائع تثبت عكس هذا كما وردت على لسان الشاذلي الذي تم التعتيم على موقفه.

– لماذا انتظر السادات حتى عام 1979 ليوقع اتفاقية السلام مع إسرائيل؟

لم يكن الأمر بمزاجه، ولكن المسألة جاءت بترتيب هنري كيسنجر خطوة خطوة، فقد بدأ الأمر بذهاب السادات إلى الكنيست الإسرائيلي، وتحدث عن السلام (19 نوفمبر 1977)، ثم تلا ذلك مباحثات بين السادات وبيجن بوساطة أمريكية في كامب ديفيد بأمريكا سبتمبر1978 ، واتفقا فيما بينهما على وضع إطار لكيفية تحقيق السلام، واتفقا على أن يتوصلا لوضع صيغة للحكم الذاتي في الضفة وغزة (لم يذكرا فلسطين) تمهيدا لتطبيق الحكم الذاتي التام، وليس تمهيدا لإقامة دولة فلسطين، وهذا ما انتهى إليه الوضع في فلسطين. بعد ذلك، جاءت مرحلة معاهدة السلام في 26 مارس 1979 بوساطة أمريكية التي انتهت باعتراف السادات بإسرائيل. ويكفي أن تقرأ ديباجة المعاهدة التي تقول “إن حكومة جمهورية مصر العربية، وحكومة دولة اسرائيل اقتناعا منهما بالضرورة الماسة لإقامة سلام عادل وشامل ودائم في الشرق الأوسط، وفقا لقراري مجلس الأمن 242 و 338 .. إلخ”. وهذه الإشارة عبارة عن تنفيذ لما جاء في هدنة رودس 1949 التي تقول في نهايتها: إن هذه الهدنة توطئة لتوقيع اتفاق سلام دائم ونهائي بين مصر إسرائيل، وهذا ما تحقق بمعاهدة مارس 1979. والإشارة الثانية الخاصة بقراري مجلس الأمن تعني الانسحاب من “أراض محتلة”، وليس من “الأراضي المحتلة”، وهذا هو المأزق.

-مادام الأمر كذلك، فلماذا قبل السادات بها؟

لأنه قبل وساطة الدور الأمريكي دون أن يدري أن أمريكا تلعب لحساب إسرائيل منذ تعهد واشنطن بحماية أمن إسرائيل في معاهدة 1951.

-هل اتجاه السادات للأمريكان كان من أجل مساعدة أمريكا في بناء الاقتصاد المصرى، أم لشىء آخر؟

العكس هو الصحيح، ذلك أن الشرط الأمريكي الذي تم إبلاغه للسادات لكي تتدخل أمريكا في حل الصراع عندما كان السادات يصرح بأن 99% من أوراق الصراع في يد أمريكا ما جاء عن طريق دوائر مخابراتية، ورد ذكرها في المصادر أعلاه: أنه لكي تحصل مصر على مساعدة أمريكا في لانسحاب إسرائيل، يجب إخراج السوفيت من الجيش المصري، وتصفية القطاع العام حتى تعود مصر إلى سياسات ما قبل يوليو 1952 حين كان رأس المال يسيطر على السوق، ويستثمر في دائرة الاستهلاك، وليس الإنتاج بما يبني القوة الاقتصادية. وهذا ما فعله السادات حين طرد الخبراء السوفيت من الجيش المصري في مايو 1972. وعندما تم فض الاشتباك، جاء مدير البنك الدولي للإنشاء والتعمير إلى مصر في مارس 1974 ، وقال إن البنك وأمريكا على استعداد لمساعدة الاقتصاد المصري بشرط أن يسير في الطريق الصحيح. ثم أعلن عن زيارة الرئيس الأمريكي نيكسون إلى مصر في 19 يونيو 1974. وتحسبا لهذه الزيارة، صدر عن مجلس الشعب المصري يوم 9 يونيو وفي يوم وليلة قانون حماية رأس المال الأجنبي. ولما جاء نيكسون، وكان معه وزير الخزانة الأمريكي في 19 نوفمبر، التقاه عبد العزيز حجازي، وزير المالية المصري، وقال له حجازي نحن نتطلع إلى مساعدات أمريكية بعد اقتصاد الحرب، فقال الأمريكي: لا يمكن مساعدة الاقتصاد المصري وهو تحت القطاع العام.. المطلوب تصفية القطاع العام، أي تصفية دور الدولة في الاقتصاد، وهذا ما تم على خطوات لفتح السوق المصرية أمام المنتجات الأمريكية، وإعادة تبعية السوق المصري للدولار الأمريكي.

-فى هذه الأيام، تمر مصر بمراحل اقتصادية وسياسية حرجة، وتشتعل المنطقة، ويمور الإقليم من حولها، فهل أصبحت حرب أكتوبر ذكرى من الماضى؟

تجدد القتال مع إسرائيل أمر وارد، وهذا ما تحول الولايات المتحدة دون قوعه بإدخال كل الأطراف العربية في الأجندة الأمريكية-الإسرائيلية بمختلف الطرق والوسائل مع نفي فكرة العروبة والتضامن العربي. وما موقف أمريكا من سوريا إلا لعزل بشار الذي يرفض توقيع معاهدة مع إسرائيل على موديل السادات-بيجين، فالمطلوب عزله، والإتيان برئيس يقوم بهذا، وساعتها تقوم لبنان بتوقيع اتفاقية مماثلة.

-هل تعتقد أن مصر يمكن أن تدخل حروبا أخرى، أم أن حرب العاشر من رمضان هى آخر الحروب؟

لا أحد يستطيع التنبؤ بالمستقبل، لكن إسرائيل- بوساطة أمريكية- نجحت في تقييد مصر بمعاهدة 1979، ومنعها من القيام بأي حرب للتخلص من معاهدة تقيد حق سيادتها على أراضيها في المنطقة (ج) من سيناء، أي الحدود مع إسرائيل، حين تنص على أن هذه المنطقة التي انسحب منها الجيش الإسرائيلي لا يحق لمصر أن تضع فيها دبابات، أو صواريخ، أو كاميرات مراقبة، في الوقت الذي يحق فيه لإسرائيل أن تضع أسلحة ثقيلة في منطقتها الحدودية مع مصر (المنطقة د)، بل إن المطارات العسكرية التي أنشأتها إسرائيل في سيناء المحتلة لا تستخدمها مصر كمطارات حربية، بل تكون مطارات تجارية لكل دول العالم، بما فيها إسرائيل.

أين أعضاء مجلس النواب وهيئة التنمية السياحية من فساد القرى السياحية والمشروعات الوهمية: ضحايا ومتضررى إسحق جروب بـ”رأس سدر” يصرخون: تم النصب علينا ولم يتحرك أحد من المسئولين  

 

بقلم/ قبطان شحتة قورة

 

فى عام 2013 أعلنت مجموعة إسحق جروب عن حجوزات لشاليهات مقرر بناؤها على عدة مراحل فى قرية الحياة وريماس بمدينة رأس سدر فى عدة وسائل إعلامية، بأسعار بسيطة فى متناول بعض الفئات الدنيا والتى تغنيهم عن أطماع أصحاب القرى التى تحصد أموالاً كبيرة ليست فى متناول البسطاء ومتوسطى الحال. وتوجه عدد كبير من المواطنين بمقتضى الإعلان للحجز فى وحدات القرية والتعاقد عليها بسداد المقدم، وكانت قيمة الحجز نحو 100 ألف جنيه، على أن ينتهى باقى ثمن الوحدة من 6 الى 10 سنوات، ولكن حتى المسددين 80% وأكثر لثمن الوحدات لم يستلموها، رغم مرور الفترة المسموح بها، وفوجئوا بعدم وجود أية مبانى من التى قاموا بحجزها داخل القرية إلا القليل منها، فقرروا تحرير بلاغات ضد مالك الشركة “إسحق جروب” يتهمونه فيها بالنصب عليهم.  

كانت معظم العقود تنص على أن تسليم الشاليه يتم بعد عامين ونصف بالنسبة لقرية الحياة شاملة فترة السماح، وبعد ثلاثة أعوام ونصف شامل فترة السماح بالنسبة لقرية ريماس. وبعد انتظام الملاك فى الدفع طوال هذه السنوات كانت الصدمة وهى عدم وفاء الشركة بالعقود المبرمة بينها وبين الملاك وعدم تنفيذ البناء فيما عدا القليل منها من أجل الشو الإعلامى للتسويق وإيهام العملاء بأن هناك قرية مبنية بالفعل بإحدى مراحلها والأخرى تحت التشطيب وباقى المراحل غالبيتها رمال وذلك لإدخال الطمأنينة لقلب العميل قبل الشراء.

تعمدت الشركة التأخير فى البناء كوسيلة ضغط على الملاك لابتزازهم بالمطالبة بالمزيد من الأموال الإضافية الغير منصوص عليها بالعقد المبرم بين الطرفين، أو فسخ العقد لمن يرغب فى استرداد أمواله على أقساط بشيكات أغلبها بدون رصيد، وعلى المتضرر اللجوء للقضاء، والعميل ليس لديه سياسة النفس الطويل التى تتبعها الشركة معه فيضطر إلى المطالبة بأمواله التى أصبحت بعد مرور الوقت تفقد قيمتها، وبالتالى تبدأ الشركة فى بيع الشاليهات مرة أخرى بأسعار جديدة. وتدعى الشركة الآن بأنها متعثرة نتيجة إيقاف سداد الأقساط المطلوبة من الملاك بحكم القانون بسبب عدم التزامها بتنفيذ العقد، بالرغم من أن الشركة تتوسع فى نشاطها فى شراء أراضى جديدة للبناء عليها فى رأس سدر وقرى أخرى، وأيضا تأسيسها لشركة إنتاج فنى تدر عليها الملايين، وكل هذا من أموال الملاك. ولم تكتفى الشركة المذكورة بذلك، بل تزيد من استفزازها للملاك بإنتاج أفلام ضد الإرهاب مثل فيلم الخلية لإظهار وطنية مالك الشركة أمام الحكومة محاولا خداعها لغض نظرها عن أمور نصبه على الملاك. وتعلل الشركة تأخير التسليم بالكذب بسبب غلق نفق الشهيد أحمد حمدى الذى تمر من خلاله عربات النقل التى تنقل مواد البناء وأن الأمن لم يسمح بمرور هذه العربات إلا بمواعيد محددة أثرت على سرعة البناء، بالرغم من أن هناك قرى أخرى مجاورة قامت بتسليم الملاك فى المواعيد المقررة وبنفس الأسعار المكتوبة فى العقد.

وبناء على ذلك فقد تمادت الشركة فى التأخير إلى أن ارتفع سعر الدولار وازدادت الأمور تعقيداً مما أعطى لها الفرصة لإضافة حجة جديدة لرفع الأسعار التى وصلت إلى ضعف ثمن الشاليهات كى تستكمل البناء، مما أثار غضب الملاك واضطرهم للجوء إلى ساحات القضاء متهمين الشركة بالنصب، ولكن محامين الشركة كانوا يعدون العدة قبل النطق بالحكم فى آخر الجلسة إذ أبدوا استعدادهم برد المبلغ الذى دفعه المالك دون أية تعويضات عن السنوات السابقة، لكى يثبت أن الشركة متعثرة وليست هناك نية للنصب، وفى هذه الحالة يخسر المالك الشاليه ويتنازل عنه للشركة لكى تبدأ مسلسل خداع جديد مع عميل آخر.

كل هذا يتم تحت مرأى ومسمع المسئولين، لأن الملاك قاموا بنشر العديد من الاستغاثات بالصحف والمواقع الإلكترونية دون جدوى. أما باقى الملاك الذين اضطرتهم الظروف إلى اللجوء لساحات القضاء فقد استعانوا بمحامين يدركون مثل هذه الحيل، لذلك تم رفع قضاياهم مدنى للمطالبة بالشاليه والتعويض عن التأخير فى الاستلام، وحصل بعضهم على حكم محكمة بالاستلام والتعويض من الشركة. والسؤال هنا، ألسنا فى دولة تحارب الفساد بكل أنواعه، ويسودها العدل وتنفيذ القانون، ودولة بها برلمان موقر يرعى مصالح الشعب؟ وإذا كان الأمر كذالك فلماذا لم يتدخل أحد المسئولين من أجل إنقاذ من يمكن إنقاذه من هؤلاء الظلمة الذين يعيثون فى أرض مصر فساداً وتحرير المواطن المظلوم من براثنهم ويتبنوا قضيتهم مع غيرهم فى القضايا نفسها ويتقدم السادة النواب بطلب إحاطة لاستجواب وزيرة السياحة ومسئول هيئة التنمية السياحية ووزيرة الاستثمار الذين يوافقون على تخصيص الأراضى للمستثمرين بأرخص الأسعار ويحققون بالتالى من وراء بيعها للمواطن أرباحاً طائلة، ولكن كثير منهم يسلك طرق النصب والاحتيال عليهم والحجج كثيرة.

نحن لا نطالب بأكثر من حقنا فى استلام أملاكنا الضائعة بين أرض جرداء منذ 6 سنوات وشركة تتلاعب بعقول صفوة من مواطنى مصر الشرفاء، طبقاً للقانون وما ورد فى العقود المبرمة بين الشركة والملاك، أليس هذا حق يكفله القانون؟ نحن نطالب ان يتبنى قضيتنا مجلس النواب الذى جاء لكى يخدم الشعب ويرعى مصالحه ويحافظ على حقوقه، وأن يتم تسليم الملاك لشاليهاتهم تحت إشراف لجنة تُشكل بمعرفة وزارة السياحة وتحت مراقبة مجلس النواب.

تحيا مصر بمواطنيها الشرفاء