التعليم بين الاستعدال والاستعجال

بقلم/ د. محسن فراج

أستاذ المناهج وطرق التدريس بجامعة عين شمس

قد يخفى على الرأي العام أن طباعة الكتب المدرسية والاختبارات الورقية تكلف الدولة أموالا باهظة وجهود مضنية، وان التوجه نحو “استعدال” منظومة التعليم من خلال رقمنة المناهج، وموادها التعليمية، وأساليب التقويم فيها سيحقق بلا شك أهدافا وفوائد عديدة لعل من أهمها:

١- ان التعليم في التجارب الناجحة جميعها قد تحول من الكم إلى الكيف، ومن المعلومات إلى المهارات، ومن التعليم إلى التعلم والبحث والتفكير.

٢- ان التحول إلى المنظومة الرقمية سيساهم بنسبة كبيرة في توجيه نفقات وأموال الطباعة إلى تأهيل البنية التحتية الاليكترونية اللازمة.

٣- سيقلل ذلك من الأعباء التي تثقل كاهل المعلم في لجان سير الامتحانات وكنترولات تقدير الدرجات التي تستنزف وقتا وجهدا كبيرين منه.

غير أن “الاستعجال” المبالغ فيه بفرض التجربة على أرض الواقع .. قد كشف عن مشكلات ليست هينة تتعلق بهزال البنية التحتية، وعدم توافر وقت كافي وبرامج تدريب حقيقية للمعلمين، وعدم اعطاء أهمية كبيرة لتهيئة الرأي العام لتقبل تلك الجهود والتجارب.. مما يستلزم إعادة التفكير والتوقف للمراجعة المتأنية والعمل على المحاور التالية:

أولا-
ضرورة تجهيز البنية التحتية في كافة مدارس مصر (التي تعاني  أزمات مزمنة) مع عدم اعتبار مدارس الصفوة ومدارس المدن الكبري معيارا للحكم على نجاح اي تطوير أو حتى استعدال لمنظومة التعليم.
ثانيا-
تصميم وتنفيذ برامج تدريب جادة للمعلمين تضمن اكتسابهم للمهارات اللازمة لهذا التحول، لكونهم قادة أي تطوير ننشده.
ثالثا-
التدرج في التنفيذ بحيث يكون البدء بالمراحل الأولية
رابعا-
التجريب على عينات من مدارس مصر كافة، على أن تكون هذه العينات تمثيلا حقيقيا للتباين الشديد في الإمكانات بين المدارس (وهو أمر واضح لكل ذي عينين)، كل هذا قبل أن تعمم التجربة على جميع المدارس والمراحل.
خامسا-
خطة علمية وموضوعية لاقناع الطلاب والمعلمين والمجتمع بكل أطيافه بالتطوير المستهدف.

هذه وجهة نظري كمتخصص أطرحها بكل أمانة وحياد بعيدا عن الزيف أو الهوى أو الشخصنة أو المغازلة.

تعليقان على “التعليم بين الاستعدال والاستعجال

  1. مقالة عظيمة متكاملة الاركان.. رصينة الألفاظ..علمية موضوعية.. تعرض ضرورة فكرة التجريب على عينة ممثلة من جميع الجمهورية لتشخيص نقاط الضعف والمشاكل الفعلية التى تواجه التجربة قبل تعميمها لتجنب ما ترتب بالفعل من زيادة فقدان الثقة بين الوزارة والمجتمع ..
    مبدأ استعدال مطلب سياسى ومجتمعى لكن للاسف الاستعجال كشف عوار فاضح فى البنية التحتية وفى اجراءات ادارة الازمة..

اترك رداً على اد صلاح الدين عرفة تربية حلوان إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.