متى ينتهى التعليم من كونه حقل تجارب؟

بقلم/ أسماء بكر حامد الجندى
مدرس مساعد بكلية التربية- جامعة الزقازيق
أليس التعليم فى المجتمع المصرى كاد يُشبه بفأر للتجارب، حيث أصبحنا فى كل يوم نسمع انه جاء على هوى وزير قام بزيارة مثلاً إلى اليابان فتعجبه تجربة اليابان فى التعليم، أو الصين، أو ماليزيا …..وغيرها، فيعيد بخططه ويصدر أوامره بتطبيقها على التعليم المصرى، وكأنه يحمل معه فأراً فى حقيبته يجرى عليه التجارب التى يمر بها فلا ينظر أيها يناسب الفأر ولإمكاناته، فينجح فى تعلمها أو يفشل فيبدأ من الصفر مرة أخرى ، وبذلك فقد الفأر هويته فلا هو ظل فأراً يخشى القطط ولا أسد تهابه به الغزلان والأيائل والبقر؟.
فقد بات التعليم المصرى الآن فى وضع لا يحسد عليه، بل يستحق الشفقة فى كثير من الأحيان، فها هو الوضع التعليمي المصرى الذى لا يغفل عنه أحد، وهل هذا ما يستحقه التعليم المصرى؟ هيهات هيهات، فمصر عريقة منذ قدم الزمن ويشهد التاريخ على مكانتها ومكانة العلم والتعليم بها، فقد صدرت لمعظم بلاد العالم الكثير من النماذج المشرفة فى كل مجالات الحياة العالم والمهندس والطبيب والمعلم، وليس يفقد عنها تلك المكانة الرفيعة التى احتلها المعلم المصرى على مر العصور وعند كل الشعوب العربية التى شهدت بقيمته وعلمه وثقافته ، واتخذت الكثير من الدول نموذج المعلم المصرى لكى تطبقه عندها وتقتدى به ، وها نحن اليوم نستند على تجارب هذه الدول لكى نطور تعليمنا المصرى بحجة أنها
نماذج متطورة وحديثة وأثبت نجاحها ونسينا أننا من صدرانا لهم النموذج الحقيقى لكى يعتمدوا عليه.
ولكن التساؤل هنا من هو المسئول عن هذا الوضع الذى يعانى منه التعليم فى الوقت الراهن؟ هل نظام القبول والاعداد فى كليات التربية؟ أم برامج تدريب وتعليم المعلم؟ أم نقص الموارد والإمكانات؟ أم غياب الفلسفة والأهداف؟ أم سوء الإدارة وغياب إرادة الإصلاح؟) أجل فجميعنا لا يغفل عنه الإجابة الصحيحة عن هذا التساؤل ولكن سيحاسبون على ما فعلوه وارتكبوه فى حق تعليمنا المصرى عاجلاً أم آجلاً.
وإذا كان من المؤسف القول إن التعليم فى مصر يقف الآن على حافة الهاوية لما يعانى من مشكلات، ويرتدى ثوباً مهترئا يكشف عن عورته ويبددها للعيان، ويسعى للاحتماء بثياب غيره ، فتكون النتيجة هرجلة الثوب فينقل تجارب بعض الدول لمحاولة التغطية على ما يعانى منه من عورات، فإن ذلك لا ينجى تعليمنا مما يعانى من ثغرات، والسبيل الوحيد هو خروج التعليم من عباءة تجارب الآخرين، وإعادة الاهتمام بواقعه وبقضاياه التعليم يكون فى ضوء فلسفتنا ، وحاجاتنا وظروف بيئتنا الثقافية والحضارية ، وأن نستند إلى مشروع تنموي يكون التعليم هدفه المنشود، ورؤية استراتيجية واضحة ومحددة وسياسية تعليمية سليمة ليست سياسة وزير تتغير بتغييره بل نتبع سياسة من منهج علمى مخطط وقرارات مدروسة بعيدة عن العشوائية والتخبط.
نحن نحتاج إلى تعليم يعبر عن هوية المجتمع المصرى وثقافته وقيمه، لا نحتاج إلى تجربة دولة أخرى، ولا نكتفى بترقيع الثوب، بل نحتاج إلى أن نصلحه من الجذور.

3 تعليقات على “متى ينتهى التعليم من كونه حقل تجارب؟

  1. جميل جدا. فعلا التعليم في مصر يعتبر حقل تجارب لكل وزير وينتهي بانتها المده. لديه لابد من وجود فلسفه واهداف محدده وطريق يسير عليه. نظام التعليم مهما تغير القائم عليه وزير تعليم

  2. حل مشكله التعليم هو عندما نتعامل معه علي أنه قضيه امن قومي يجب الاهتمام بها من كل النواحي . يجب على الدوله وضع خطه سريعه وشامله لحل مشاكل التعليم ويجب أن يشارك في وضع هذه الخطه كل الأطراف .

اترك رداً على غير معروف إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.